للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصرف الإسلامي هل هو وسيط مالي يتاجر بالنقود والديون أم هو تاجر سلع؟

عن قصد أو غير قصد، لم يتعرض المفتون وكثير من الدارسين لهوية المصرف الإسلامي، هل هو وسيط مالي يتاجر بالنقود والقروض، ويتجنب المتاجرة بالسلعة كالبضائع والعقارات وغيرها، أم هو تاجر سلع يتجنب المتاجرة بالنقود والقروض. فالمصارف (الربوية) كما بين الدكتور جمال الدين عطية تحل الربا لنفسها وتحرم البيع (مجلة الأمة، العدد ٥٦ لعام ١٤٠٥ هـ، ص٤٦) ، أما المصارف الإسلامية فهي تحرم الربا على نفسها وتحل البيع كقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [سورة البقرة ٢٧٥] .

وتنص النظم المصرفية على أن المصارف لا يجوز لها شراء العقارات بقصد بيعها، وإذا آل إليها عقار، فعليها التصرف به خلال مدة قصيرة، سنتين أو ثلاث على الأكثر. كما تحظر على المصارف العمل بتجارة الجملة أو التجزئة، أو بالاستيراد أو التصدير (انظر على سبيل المثال المادة ١٠ من نظام مراقبة البنوك في المملكة العربية السعودية) .

والظاهر أن المصارف الإسلامية تتأرجح بين البيع وسواه، فتود البيع ولكن من دون تحمل أعبائه؛ وتحاول اجتناب الربا، ولكن دون الدخول في عمق البيع. وترى في كتابة البعض تأرجحًا مماثلًا بين اعتبار المصرف الإسلامي بائع سلع، أو وسيطا ماليا أو بيت تمويل (القرضاوي في كتابه ص١١٠) .

ولاشك أن إطلاق لفظ المصرف أو بيت التمويل على أي منشأة إنما يفيد معنى معروفا هو الاقتراض والإقراض والمتاجرة بالقرض والنقود، عن طريق عمليات الائتمان والمصارفة.

فكلما جنح المصرف الإسلامي نحو حقيقة البيع كان أقرب إلى تاجر السلع، ولا معنى لإطلاق لفظ المصرف عليه، وكلما جنح نحو صورة البيع كان أقرب إلى تاجر القروض والنقود، أي إلى المصرف معنى ولفظًا.

ولو تفكر العلماء في هذا لسهلت عليهم الفتوى فيما بعد، ولصدروا في كل جزئية عن هذه الكلية، عن هذه الهوية، ولما كان لكل فتوى هوية (قحف ص٦) .

الخاتمة

١ – بيع المرابحة بالمعنى الفقهي المنقول في كتب الفقه القديم جائز عند جمهور الفقهاء، ولا نأخذ فيه بقول من قال أنه ربا، أو إنه بيع أعاجم، أو أن المساومة أفضل منه، فلكل دور. وربح البائع فيه يكون في مقابل خبرته وجهده ووقته ومخاطرته. والحكمة من هذا البيع هي أن المشتري قد يكون جاهلا بالسلع وأثمانها، وله ثقة بخبرة البائع مرابحة وأمانة، ويفضل أن يشتري بناء على أمانة البائع، لا بناء على مساومته ومماكسته.

٢ – بيع المرابحة للآمر بالشراء في المصارف الإسلامية يقوم على شراء المصرف سلعة بطلب عميله، بثمن معجل، ومن ثم بيعها إليه بثمن مؤجل، وذلك بناء على مواعدة بينهما، ملزمة في بعض المصارف، وغير ملزمة في مصارف أخرى. وفي كل الأحوال لا تكون ملزمة للمصرف إلا إذا اشترى المصرف السلعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>