للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد الصلاة:

الدكتور عبد السلام داود العبادي:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على رسوله الكريم.

إذا سمح لي الأخوة الكرام أحب أن أقدم لحديثي ببعض الملاحظات: نحن في هذا المجمع الكريم عندما نتصدى لهذه القضية يجب أن نتصدى لها في إطار أصل المسألة المطروح وهو أننا نحاول أن نضع صيغًا جديدة في مجال المعاملات المصرفية ونبذل في هذا المجال جهدًا في التحرير والتخريج والقياس والاجتهاد، يعني نحن لسنا في صدد بحوث فقهية تعالج جزئيات هنا وهناك لننتهي إلى ماذا ذهب المذهب الفلاني؟ أو إلى ماذا قال الفقيه الفلاني؟ فنحن أمام محاولة اجتهادية جماعية لاستحداث صور جديدة تعالج مشكلات الناس وقضاياهم الملحة، نحن أمام غزو ربوي مركز أثارنا جميعًا بلا استثناء، مواجهة هذا التعامل الربوي الذي يجتاح واقعنا: كيف نواجهه؟ جاءت فكرة البنوك الإسلامية، بدأت البنوك الإسلامية بالعمل بصيغ متعددة، هذه الصيغ يجب أن نقومها في إطار ما استحدثت من أجله وما بحثت من أجله هل هي وسائل للتحايل على الربا؟ هل هي تحقق منهج الشرعية الإسلامية في استثمار الأموال وتحقيق الأرباح؟ هل هذه الصور الجديدة ببعض تفصيلاتها أم بكل تفصيلاتها؟ هل هناك ما يمنع شرعًا من استحداث عقود جديدة ذات مواصفات محددة، شريطة أن لا تحل حرامًا ولا تحرم حلالًا؟ هذه الأمور في الواقع هي التي يجب أن تكون في الذهن ونحن نتصدى ونعالج هذا الموضوع.

الواقع عندما بحث موضوع بيع المرابحة للآمر بالشراء وضعت له شروط دقيقة كان القصد منها هو أن لا نتقلب هذه المعاملة في التطبيق إلى نوع من التمويل بدون مخاطر وبتحقيق زيادات على أصل التمويل وبحيث يكون دخول البنك الإسلامي المؤسسة المصرفية الإسلامية على هذا الخط فيه نوع من المخاطرة والتعرض لاحتمالات الربح والخسارة، ومن هنا جاء الشرط الأساسي في هذه القضية وهي أن السلعة يجب أن تدخل في ملك البنك وضمانه دخولًا فعليًا، يعرضه لاحتمالات الربح والخسارة وإنه في اللحظة التي تتولد صوره في التطبيق تنفي هذا الأصل وهذا الشرط الأساسي، فإن الأمر ينقلب عند ذلك إلى نوع من التحايل والوقوع في دائرة المحظور الشرعي، فكل ما يجب أن نحرص عليه هو أن نضع الضمانات في هذه الصيغة، ولتكن صيغة مستحدثة لا تقوم على التلفيق والتجميع من هنا وهناك، وإنما تقوم على صياغة متكاملة لمعاملة فيها تركيب لعدد من العقود والوعود المترابطة ضمن تصور شمولي يهدف إلى تحقيق عملية الدخول الاستثمارية للبنك وفق قاعدة الشريعة في أن ذلك إذا كان يهدف إلى تحقيق أرباح معينة لابد أن يكون فيه ضمان ومخاطرة كما هي واضحة في قواعد الشريعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>