للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.. وقد يصدر بعد إبرام عقد البيع (هذا – المؤجل الثمن) أمر سلطانى بخفض نوع معين قرشين ونوع آخر ثلاثة قروش ونوع ثالث خمسة قروش.

وفي هذه الحالة يلجأ الدافع إلى السداد بالنوع الذي انخفض خمسة قروش مبالغة في الإضرار.

والذي انتهى إليه العمل في عهد ابن عابدين بالنسبة لهذه الحالة هو الصلح على الأوسط.

ولذلك فقد - ساق بعد العبارة التي نقلناها عنه فيما تقدم قوله: (ولكن الأول (١) ظاهر سواء كان بيعا أو قرضا بناء على ما قدمنا، وأما الثاني (٢) فقد حصل بسببه ضرر ظاهر للبائعين فإن ما ورد الأمر برخصه متفاوت فبعض الأنواع جعله أرخص من بعض فيختار المشتري ما هو أكثر رخصا وأضر للبائع فقد ينقص نوع من النقود قرشا ونوع آخر قرشين فلا يدفع إلا ما نقص قرشين ... وهذا مما لا شك في عدم جوازه (٣) .


(١) أي الأمر الأول الذي أوضحناه في أول هذا المبحث وهو الخاص باتفاق الطرفين على تحديد نوع العملة التي يجب الوفاء بها مستقبلا
(٢) وهو الأمر الثاني الذي يتعلق بحالة إبرام عقد البيع وتأجيل الثمن دون تحديد نوع العملة التي يتم بها الوفاء
(٣) ثم يقول ابن عابدين بعد ذلك: (وقد كنت تكلمت مع شيخي الذي هو أعلم أهل زمانه وأفقههم وأورعهم فجزم بعدم تخيير المشتري في مثل هذا لما علمت من الضرر وأنه يفتى بالصلح حيث كان المتعاقدان مطلقي التصرف يصح اصطلاحهما بحيث لا يكون الضرر على شخص واحد. فإنه وإن كان الخيار للمشتري في دفع ما شاء وقت العقد وإن امتنع البائع لكنه إنما ساغ ذلك لعدم تفاوت الأنواع فإذا امتنع البائع عما أراده المشتري يظهر تعنته أما في هذه الصورة فلا لأنه ظهر أنه يمتنع عن قصد إضراره ولا سيما إذا كان المال مال أيتام أو مال وقف فعدم النظر له بالكلية مخالف لما أمر به من اختيار الأنفع له فالصلح حينئذ أحوط خصوصا والمسالة غير منصوص عليها بخصوصها فإن المنصوص عليه إنما هو الفلوس والدراهم الغالبة الغش كما علمناه مما قدمناه فينبغي أن ينظر في تلك النقود التي رخصت ويدفع من أوسطها نقصا لا الأقل وإلا الأكثر كي لا يتناهي الضرر على البائع أو على المشتري) ، المرجع السابق: ص ٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>