الذي يترجح في هذه المسألة الخطيرة والواقعة الشائكة من واقعات العصر ونوازله هو قول الإمام أبي يوسف رحمه الله تعالى، وهو مجرد رأي لا أدعي فيه أنه فتيا ولا هو حكم الله في الواقعة، بل هذا متروك لمجمعنا الموقر ليبت فيه العلماء الأجلاء فيكون اجتهاد جماعة لا اجتهاد فرد، هو رأي أعرضه على المجمع بكامل هيئته للدرس، رحم الله الإمام أبا حنيفة حيث قال:(علمنا هذا رأي وهو أحسن ما قدرنا عليه. فمن جاءنا بأحسن منه كان أحق) وللمجمع الكريم كل الحق في قبول هذا الرأي مقرونًا بضوابطه أو رده أو التخير منه أو التوقف إن وجد في ذلك مصلحة عامة دينية. ولكن لهذا القول ضوابط يجب الوقوف عندها ولا اعتداد بها لجمًا لقول الإمام أبي يوسف وكبحًا لجماحه، وهذه الضوابط اثنان فيما أرى والله تعالى أعلم:
١- الضابط الأول:
أن يخرج التغير بالرخص أو بالغلاء اليسير الذي يتسامح به التجار عادة. والمعيار في التغير يسيرًا أو فاحشًا خبرة التجار، كما هو القول في الغبن في البيوع الموقوفة التي يضر فيها الغبن، فالراجح أنه قول التجار من أهل الخبرة والتخصص.
ولا يتجه هنا وجه الرهوني من المالكية ومن تبعه من العلماء الزملاء مع تقديري لمحاولة كبحهم جماح قول أبي يوسف، فإن وجه الشيخ الرهوني هنا ليس إلا إلحاقًا لهذه الواقعة – واقعة التغير – بواقعة الكساد. وتجب حينئذ القيمة عند الصاحبين من الحنفية وعند الحنابلة والمالكية في مقابل المشهور كما مر.