٢- من المسلّم لدى الجميع أن التماثل مطلوب في القروض للاحتراز عن الربا، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم هذا التماثل المطلوب في أحاديث ربا الفضل بكل صراحة ووضوح.
أخرج الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: كنا نرزق تمر الجمع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الخلط من التمر، فكنا نبيع صاعين بصاع، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:((لا صاعين تمرًا بصاع، ولا صاعين حنطة بصاع، ولا درهمًا بدرهمين)) . (جامع الأصول، لابن الأثير: ١/٥٤٦)
ومعلوم أن ما يباع بصاعين كان أكثر قيمة ما يباع بصاع، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرض إلا بالتماثل في القدر والكيل، وجعل التفاوت في القيمة هدرًا.
وكذلك أخرج الشيخان عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما ((: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا على خيبر، فجاءهم بتمر جنيب، فقال: أكل خيبر هكذا؟ قال: إنا لنأخذ الصاع بالصاعين، والصاعين بالثلاث)) ، قال:((لا تفعل، بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبًا)) . (جامع الأصول: ١/٥٥٠) .
وهذه الرواية من أصرح الأدلة على التماثل المطلوب في الأموال الربوية هو التماثل في القدر، دون التماثل في القيمة، لأن الجنيب كان أغلى من الجمع بكثير، وأكثر قيمة، وأجود نوعًا، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدر الجودة والرداءة في مبادلة بعضها ببعض، وأوجب التماثل في الكيل.
وأخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((الذهب بالذهب وزنًا بوزن، مثلًا بمثل، والفضة بالفضة وزنًا بوزن، مثلا بمثل، فمن زاد أو استزاد فهو ربا)) وأخرجه مالك بلفظ ((الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما)) . (كما في جامع الأصول: ١/٥٥٢) .
وأخرج مسلم وغيره من عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثل، سواء بسواء، يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد)) .