للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد أصبحت المشكلة الاقتصادية في عصرنا الراهن من الخطورة أنها تمس حياة الأفراد والجماعات والدول، وعلى وجه العموم ما ينتج عن ذلك من التضخم وتدهور القيمة الشرائية حيث تضعف القوة الشرائية النقدية، وبنفس الوقت ترتفع قيمة السلع الاستهلاكية والمنافع والخدمات التي تبذل عوضًا عنها حيث تقيم تلك العملة النقدية التي رخصت قيمتها في المجمع والتي لا تقف عند حدود المجتمع الذي أصدرها كعملة رسمية له. بل إن سياسة الاقتصاد العالمي تفرض نفسها على هذه الدولة أو تلك خفض قيمة عملتها النقدية بما يتناسب مع وضعها الاقتصادي، وبالتالي مع رصيدها الذهبي لتلك العملة هبوطًا أو صعودًا والتي تتحكم به صهيونية رأس المال العالمي.

ولقد حاولت تلك الدول الفقيرة اتباع سياسة اقتصادية معينة للحفاظ على قيمة عملتها النقدية فاتخذت إجراءات معينة منها منع خروج عملتها خارج حدود سيادتها الوطنية إلا بصورة شرعية وضمن قوانين اقتصادية محددة وشرعت قوانين اقتصادية خاصة بالعملة الأجنبية التي تدخل أراضيها سواء كانت تلك العملة ذهبًا أو فضة أو عملة ورقية أو معدنية أو من أي شكل من أشكال العملة الأجنبية، فمنعت تلك القوانين التعامل بتلك العملة الأجنبية داخل حدود سيادتها واعتبرت تلك القوانين جزءًا لا يتجزأ من النظام العام ومن السياسة الاقتصادية الحكيمة التي لا يجوز مخالفتها أو الإخلال بها لما ذلك من تأثير سلبي أو إيجابي على الوضع الاقتصادية لهذا النظام أو ذاك هذا ما يعتمل في عالم السياسة الاقتصادية الدولية في عالم اليوم. وخشية الإطالة في هذا المجال واختصارا للموضوع فإنني أحيل كل من يتفضل بالاطلاع على هذا البحث إلى الاطلاع على مقدمة بحثي المقدم إلى مجمع الفقه الإسلامي الموقر في دوره الثالثة المنعقدة في ١١ أكتوبر ١٩٨٦ بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية، والتي أطلت فيها نفس القلم وعلى وجه الخصوص المخاطر التي تهدد الاقتصاد العالمي وخاصة دول العالم الثالث التي لم تتخلص بعد برغم نضال بعضها الجسور من سيطرة النفوذ الاقتصادي، بل واستغلالها لاقتصاد وخيرات أغلب دول العالم الثالث تحت أقنعة وأساليب متنوعة وعديدة، وبعضها بالأسلوب الابتزازي المكشوف وخاصة من قبل الدول الرأسمالية وفي مقدمتها الصهيونية العالمية التي تمتلك أغلب احتياط الذهب في عالمنا المعاصر، وعالجت فيها بعض ما يعتمل اليوم من وضع اقتصادي مترد للدول النامية من وجهة نظر الشريعة الإسلامية لنظام اقتصادي يساعد المجتمع الدولي بوجه عام، والعالم الإسلامي بوجه خاص على اجتثاث النظام الاقتصادي الاستغلالي في عالم اليوم ويضع الأسس العادلة لنظام اقتصادي عالمي خالٍ من الاستغلال والابتزاز الذي قد يؤدي في الأخير إلى الإضرار بالسيادة الوطنية كما هو الحال الذي وصل إليه عالمنا العربي والإسلامي.

<<  <  ج: ص:  >  >>