للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا منطلق وجهة نظر الإمام الشافعي – رضي الله عنه – حيث توصل إلى أن العلة في تحريم التفاضل في النقدين الذهب والفضة بجنسيهما إنما هو مطلق الثمنية. وهي وإن كانت علة قاصرة لا تتعدى محل النص ولا تتعدى معلولها لكونها محل الحكم أو وصفًا لا زمًا له.

على الرغم من مناقشة الأحناف للإمام الشافعي أصوليًا في إثبات العلة القاصرة وتحديد وظيفتها وعلاقتها بالمسألة المطروحة؛ حيث احتج الأحناف للإمام الشافعي بأن علة الثمنية في النقدين: الذهب والفضة علة قاصرة لا تتعدى معلولها، أي نص الشارع: على الذهب والفضة. وبالتالي فما قيمة هذه العلة القاصرة ما دام الحكم قد أخذ من النص مع أن العلة في نظر الأحناف. إنما هي لإلحاق شيء بشيء، والعلة القاصرة على مذهب الإمام الشافعي ليس فيها إلحاق شيء بشيء ورد الشافعية على الأحناف بأن العلة القاصرة لها فائدتان: أحدهما نعلم من خلال العلة القاصرة بأن النقدين أي: الذهب والفضة لا يقاس عليها غيرهما، وبالتالي لا نطمع أن نقيس عليهما شيئًا آخر من أنواع النقود، والثانية أنه قد يحدث شيء يشترك مع هذه الأشياء بجامع العلة في الأصل فيلحق بها.

وهنا نجد سلامة تحقيق مناط العلة الشرعية عند الإمام الشافعي وهذا الترجيح في نظرنا ينسجم مع القرار الذي توصل إليه المجمع في دورته الثالثة بعمان بشأن أحكام النقود وتغير قيمة العملة حيث جاء فيه: (فقد قرر المجمع أنها نقود اعتبارية فيها صفة الثمنية كاملة ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة من أحكام الربا والزكاة والسلم وسائر أحكامها) .

فقد قال الإمام الشافعي – رضي الله عنه – انطلاقًا من أن العلة في الذهب والفضة هي الثمنية قال: في ٣ / ٣٣ من كتاب الأم، ما نصه: (ومن سلف فلوسًا أو دراهم أو باع بها ثم أبطلها السلطان فليس له إلا مثل فلوسه أو دراهمه التي سلف أو باع بها) .

وقال أيضًا: (وإن أبطلت السلطة المصدرة لهذه العملة التعامل بها فإنه لا يلزم المدين سواها وفاء بالعقد إذ هي المعقود عليها دون غيرها) ، وهو القول المشهور من مذهب المالكية رضي الله عنهم أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>