للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ – من المسلم لدى الجميع أن التماثل مطلوب في القروض للاحتراز عن الربا، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم هذا التماثل المطلوب في أحاديث ربا الفضل بكل صراحة ووضوح. وقد ذكرت أحاديث ربا الفضل وهي معروفة لدى كل صاحب علم فلا أريد أن أقرأها بنصوصها. وإن هذه الأحاديث كلها ناطقة بأن التماثل المعتبر في الشريعة إنما هو التماثل في القدر، ولا عبرة بالتفاضل في القيمة ما دامت الأموال ربوية. وهذا في المبايعة نقدًا – وهذه نقطة مهمة جدًّا- فما بالك في القروض التي يجري فيها أصل الربا والتي يحترز فيها عن كل زيادة وشبهتها. وهناك حديث آخر يوضح معنى المثلية في الديون خاصة وهو ما أخذه أبو داود وغيره عن عبد الله بن عمر – رضي الله تعالي عنهما – قال: كنت أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، آخذ هذه من هذه، وأعطي هذه من هذه، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيت حفصة – رضي الله عنها – فقلت: يا رسول الله، رويدك أسألك، إني أبيع الإبل بالنقيع، فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ بالدنانير، آخذ هذه من هذه، وأعطي هذه من هذه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفرقا وبينكما شيء)) . (سنن أبي داود، كتاب البيوع، رقم ٣٣٥٤، ٣ / ٢٥٠) ، ووجهة الاستدلال بهذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح لابن عمر – رضي الله عنهما - إذا وقع البيع على الدنانير أن يأخذ بدلها الدراهم بقيمة الدنانير يوم الأداء لا يوم ثبوتها في الذمة , يعني إذا وقع البيع على دينار مثلًا، وقيمته وقت البيع عشرة دراهم , ثم لما أراد المشتري الأداء لم يكن عنده إلا دراهم وقيمة الدينار الواحد يوم الأداء أحد عشر درهمًا، فإنه يؤدي إليه أحد عشر درهمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>