للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك لما سأل بكر بن عبد الله المزني ومسروق العجلي عبد الله بن عمر، - رضي الله عنهما – عن كري لهما، له عليهما دراهم، وليس معهما إلا دنانير، أجاب ابن عمر – رضي الله عنهما-: اعطوه بسعر السوق. فتبين أن القيمة إنما تعتبر يوم الأداء، لا يوم الثبوت في الذمة. ولئن كانت المثلية المعتبرة في الديون المثلية في القيمة، لوجبت قيمة الدنانير يوم الثبوت في الذمة وهذا واضح جدًا.

٣ – من المسلم لدى جميع الفقهاء في ضوء القرآن والسنة أن الواجب في عقد القرض اشتراط أداء المثل الحقيقي في القدر، دون المثل المقدر بالجزاف والتخمين، حتى لو أقرض الرجل صاعًا من الحنطة، واشترط أن يرد إليه المستقرض صاعًا منها بالجزاف، لا على أساس الكيل، لم يجز هذا العقد، لأن المجازفة في الأموال الربوية لا تجوز وهنا حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم بيع المزابنة وهو بيع التمر على رئوس النخل بتمر مجذوذ. وليس وجه الحرمة في هذا البيع إلا أن التمر المجذوذ يمكن معرفة قدرة بالكيل، وأما التمر القائم على رءوس النخل فلا يمكن معرفة فدره إلا بالمجازفة والتخمين، فحرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم إطلاقًا، مهما كانت المجازفة دقيقة أو قريبة من الصواب.

فالسبيل الوحيد في مبادلة الأموال الربوية بعضها ببعض، أن يقع التبادل على أساس التماثل الحقيقي دون التماثل المقدر بالمجازفة. إذا ثبت هذا، فإن التماثل المقترح في ربط الديون بقائمة الأسعار، ليس تماثلًا فعليًّا، وإنما هو تماثل مقدر على أساس المجازفة والتخمين. لأن نسبة الزيادة والنقصان في الأسعار ليست إلا نسبة تقريبية إنما تقدر على أساس حساب مخصوص لا يرجع إلا إلى المجازفة والتخمين. ويجب لمعرفة هذه النقطة أن نعلم كيفية وضع قائمة الأسعار، وطريق استخدامها لتعيين قيمة النقود.

<<  <  ج: ص:  >  >>