للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الجديد الذي لم يذكر بالأمس: وهو في الحقيقة مطروح في نادي العلماء في العالم الإسلامي هو أن النقود الورقية غير ربوية. وأعرف والشيخ علي يعرف والإخوان جميعًا أو أكثرهم أن الشيخ حسن أيوب كان هذا رأيه، وكان يدافع عنه، وكتاب فيه ورد عليه الشيخ عل السالوس، ولا أدري لِمَ لَمْ يتيسر حضوره في مثل هذا البحث الذي ينبغي أن يطرح من جميع النواحي ويستقصي البحث فيه ليكون الاجتهاد سليمًا ومستوفيًّا ومنظورًا فيه إلى الأقوال المطروحة. وكذلك فيما أتذكر إن لم أكن واهمًا عليه الشيخ عبد المنعم النمر، أظن أنه قال بشيء من هذا. فالقول مطروح في النادي العلمي الإسلامي بمعناه الواسع وليس قولًا مجهولًا، وليس قولًا يستحى من ذكره إن كان الشيخ تقي الدين استحى أن يذكره أو رآه ليس بالقدر الذي يمكن أن يذكر. وقد يكون عذره أنه ما رآه، لأنه في تضاعيف البحث. فهذا القول الذي هو عدم ربوية الفلوس منظور فيه إلى أن عدم ربوية الأوراق النقدية، أقصد إلى أن النصوص الواردة حددت الأصناف الستة تحديدًا لا يمكن لأحد من أهل العلم أن ينقضه، لأنه ثابت بالإجماع وبالأحاديث الصحيحة أن الأصناف الستة ربوية، وأنها لم تتعرض للأوراق النقدية، سكتت عنها.فإذا قلنا بأنها ربوية مئة بالمائة قطعًا فهذا فيه نظر، لأنها إنما ألحقت الأوراق النقدية في هذه المسألة بالذهب والفضة إلحاقًا، أي على طريق القياس، وليس هو على سبيل مفهوم الموافقة كما قال الشيخ علي السالوس، لأن مفهوم الموافقة يقتضي التوافق من جميع النواحي وعدم وجود فروق بين الملحق والملحق به، فيكون قياسًا جليًّا ويكون بدرجة النص. لكن لا شك أن بين الذهب والفضة وبين الأوراق النقدية فروق شاسعة وكبيرة كما لا يخفى أن الإلحاق يكون بعلة وهذه العلة التي ثبتت في الربويات الستة، العلماء اختلفوا فيها اختلافًا كبيرًا، ولا يخفى ذلك , يعني هي من أكثر المسائل الخلافية في الفقه الإسلامي علة الربا كما لا يخفى هل هي الطعم، هل هي الوزن أو الوكيل أو الاقتيات أو غير ذلك، هذه علل مختلفة. كل مذهب من المذاهب الأربعة ذهب إلى وجهة نظر وقد تكون هناك آراء في الفقه الإسلامي سوى هذا فلم يتفقوا على علة معينة، ولا شك أن هذا العلل غير متوفرة كلها في الأوراق النقدية حتى نقول إنها ملحقة إلحاقًا قطعيًّا أو إلحاقًا يجزم به، وأنه لا يكون ظنيًّا، بل هو إلحاق ظني بلا شك في ذلك لأنها علة ظنية، وهذا أمر مجزوم به ولا يخفى. وأيضًا الذهب والفضة كنقود تتأدى بهما، أو إذا ألحقنا النقود الورقية بالذهب والفضة، فإنما نلحقها إذا توافرت على القول بأن العلة هي النقدية في الذهب والفضة. فالنقود لها أربع وظائف:

الوظيفة الأولى: هي وسيط للتبادل.

<<  <  ج: ص:  >  >>