للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ب) الملك والاختصاص:

ينبغي التفرقة بين الملك والاختصاص كما فرق جمهور الفقهاء المالكية والشافعية والحنابلة.

* فالاختصاص عند الجمهور: هو حق التصرف الناقص، ويكون للمنافع. فالمالكية حصروا الاختصاص بالمنافع، كإقطاع الإمام أرضًا من موات والسبق إلى المباحات، ومقاعد الأسواق والمساجد وما إلى ذلك (١) .

* وقال الشافعية: (إن الملك يتعلق بالأعيان والمنافع، والاختصاص إنما يكون في المنافع، وقالوا: إن الاختصاص أوسع، ولهذا شواهد منها: أنه يثبت فيها لا يملك من النجاسات كالكلب، والزيت النجس، وجلد الميتة، ونحوه، ومنها: من قعد بنحو مسجد أو شارع، فإنه لا يزعج عنه) (٢)

* وذكر العز بن عبد السلام: أن (الاختصاص بالمنافع على أنواع وعد منها: الاختصاص بإحياء الموات بالتحجر والإقطاع، والاختصاص بالسبق إلى المباحات والاختصاص بالسبق إلى مقاعد الأسواق، والمساجد، والربط، والمدارس، ومواقع النسك) (٣) .

* قال الحنابلة: إن حق الاختصاص هو عبارة عما يختص مستحقه بالانتفاع به، ولا يملك أحد مزاحمته فيه، وهو غير قابل للشمول – أي شمول كل صور الانتفاع – والمعاوضات، ويدخل تحت ذلك صور – عدّوا منها: الكلب المباح اقتناؤه كالمعلم لمن يصطاد فيه، ومنها: الأدهان المتنجسة المنتفع بها بالإيقاد، وغيره على القول بالجواز، فأما نجسة العين كدهن الميتة، فالمنصوص أنه لا يجوز الانتفاع به، ومنها مرافق الأملاك كالطريق والأفنية، ومسيل الماء ونحوها، هل هي مملوكة، أو ثبت فيها حق الاختصاص؟ وفي المسألة وجهان:

أحدهما: ثبوت حق الاختصاص فيها من غير ملك.

والثاني: الملك، ومنها الإقطاع وهو ضربان، إقطاع إرفاق كإقطاع مقاعد السوق ورحاب المساجد، فهذه يجوز للإمام إقطاعها ولا يملكها المقطع، وإقطاع موات من الأرض لمن يحييها، ولا يملكه بل يصير أحق به (٤) .


(١) حاشية الدسوقي: ٤/٦٨.
(٢) قواعد الزركشي: ٣/٢٣٤، وحاشية قليوبي وعميرة: ٣/١٦٠؛ ونهاية المحتاج: ٥/١٤٥ وراجع كلام الشافعية في بيع الاختصاص في حاشية قليوبي وعميرة: ٣/٩٢ و٣/١٨٠ وعدم جريان الهبة فيه ٣/١١٠.
(٣) قواعد الأحكام: ٢/٨٦.
(٤) القواعد، لابن رجب ص ٢٠٤ بتصرف يسير؛ والمغني: ٦/١٦٦؛ وشرح منتهى الإرادات ٢/٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>