للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثالثة: هل يدخل إذن هذا الحق في دائرة الممتلكات بحيث تسري عليه أحكامها؟

إذا كان تعريف الملك: " الاختصاص الذي يسوغ صاحبه حق التصرف إلا لمانع" كما سبق أن أوضحنا، فلا شك أنه ينطبق على حق الاسم التجاري.

فقد علمنا أنه اختصاص حاجز ... ثم علمنا أنه تعبير عن ثمرة جهد فكري ونشاط حركي، يتمثل في صنعة مبتكرة أو درجة ممتازة من الإتقان ثم علمنا أنها ثمرة مالية متقومة، هو وليها، وهو صاحب الاختصاص فيها ونظرًا إلى أنها منفصلة عن كيانه الإنساني متمثلة في قيمة متداولة، فله عليها سلطان التصرف عن طريق السلعة التي تلبس بها هذا الحق وتمثل فيها معنى الابتكار أو الإتقان وهذا هو تحليل معنى الملك وواقعه.

وينبغي أن نعيد هنا إلى الذهن الفرق بين الحق في هذه المسألة وهو أمر معنوي نعبر عنه بالإتقان أو الابتكار وبين جوهر السلعة ذاتها التي هي مظهر لذلك الحق.

إننا إذ نقرر أن هذا الحق مالي متقرر، وأنه بذلك داخل في الممتلكات، فإنا لا نعني بالممتلكات هنا السلعة ذاتها، فإن امتلاك صاحبها لها أمر بدهي ليس محل بحث. وإنما نعني بالمملوك هنا هذه الصفحة المعنوية التي نسميها الابتكار أو الإتقان.

صحيح أن حق التصرف إنما ينصب على العين المادية،ولكن سبب ذلك أن المنفعة التي هي الأساس وهي مصدر التقوم والتمويل لا يمكن أن تقوم بنفسها ومن ثم فلا يمكن استيفاؤها، إلا عن طريق العين القائمة بها ومن هنا كان لا بد من حيازتها عند امتلاك منفعتها (١) .

فمن هنا، نقول: إن التاجر يملك العين بالحيازة أو الصنعة. ثم يملك المنفعة المالية الإضافية التي نتكلم عنها بما بذله من جهد الإتقان أو الابتكار. وكل منهما مستقل – في الاعتبار – عن الآخر.


(١) انظر كشاف القناع: ٣ / ٣٠٨ و ٣٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>