المسألة الرابعة – هل ثمة ما يمنع من شراء الاسم التجاري من صاحبه؟
وهذه المسألة هي لب هذا الموضوع الثاني ومحوره. وقبل أن نجيب عنها ينبغي أن نعود إلى تحرير المعنى المراد، فنقول:
لقد تبين مما قلناه في المسائل السابقة أن الاسم التجاري كناية عما يفترض اتصاف السلعة به من مزايا الجودة والإتقان التي قد لا توجد في أمثالها. وعلى هذا فالمراد بشراء الاسم التجاري شراء هذه المزايا مجسدة ومحددة في مظهر ذلك الشعار الدال عليه، بحيث تتحول هذه المزايا فتصبح من صفات بضاعة التاجر المشتري، ولولا هذا الهدف لما كان لهذا التبايع أي معني.
فهل يصح هذا العقد؟
هناك طريقتان يعرفهما التجار لعملية شراء الاسم التجاري.
الطريقة الأولى: تتم في الغالب بين شركة عربية وأخرى أجنبية، تشتري الأولى من الثانية الاسم التجاري لبضاعة ما. ويتضمن عقد الشراء هذا، تكفل الطرف البائع بتقديم خبراء ومهندسين في تصنيع البضاعة المعروفة بذلك الاسم والكشف عن مصدر المزايا التي فيها، حيث يقوم هؤلاء الخبراء بدور التدريب والإرشاد، لتصنيع البضاعة على مستوى الجودة والمزايا التي ارتبطت مع الزمن بذلك الشعار أو الاسم. كما يلتزم الطرف البائع الاستمرار في التدريبات والقيام بالتجارب العلمية، ريثما تترسخ لدى الطرف المشتري عوامل الإتقان ذاتها.
إن عملية الشراء في هذه الحالة، إنما تنصب في الحقيقة على نقل الخبرة وشرائها، وإنما يدخل الاسم الجاري في الصفقة تباعًا. فمن الطبيعي لمن يشتري خبرة في صناعة سلعة ما أن ينال معها أطرها ومظاهرها المادية، وفي مقدمتها شعارها العالمي المسجل. ولست أرى أي إشكال في مثل هذا العقد، فهو عقد سائغ صحيح، سواء صيغ صياغة بيع وشراء أو صياغة جعالة أو استئجار.
أما صيغة الشراء، فلما علمنا من أن حق التاجر في الاسم التجاري ظل لحقه في الخبرة المنفصلة عن ذاته وكيانه والمتجلية في العين المادية المتقومة، وهو حق مالي خاضع للتصرف به والاعتياض عنه، وإنما سبيل نقل هذا الحق واستيفائه نقل الخبرة بالتعليم والتدريب مقابل ثمن يتفق عليه، وإنما ينتقل الاسم التجاري تبعًا لانتقال الخبرة، نظرًا لما هو قائم بينهما من التلازم المستمر. ثم إن هذا الاسم التجاري، شأنه كشأن الكتاب، ليس إلا وعاء لتحصين تلك الخبرة وحصرها لمستحقها الجديد.