والبلاد التونسية مارست في أوائل القرن الثاني عشر الهجري نوعا من هذا التصرف الجبري المعبر عنه بوجوب تجديد الكراء أو حتى التبقية في محلات التجارة وذلك من خلال ما عرف بخلو النصبة التي يتحدث عنها ويصفها العالم الفقيه الشيخ محمد السنوسي الحفيد قائلا (١) .
" وأما خلو النصبة فهو ملك الخلو بوضع الآلة والموازين والطواحين مما تم به عمارة الربع وتبقى به يد المكتري بالكراء الدائم.
والأصل فيه أن غرباء الوافدين على البلاد كانوا إذا اكترى أحدهم حانوتا بغير عمارة وأنفق عليه ما يحتاجه من الخزائن وآلة الصناعة والموازين وأراد المالك أو ناظر الوقف إخراجه بعد انقضاء أمد الكراء تشكي من خسارة ما استكمل به عمارة المحل، حيث إن المالكين وناظري الأوقاف لم يجعلوا لحوانيتهم ما يلزم للصناعة المعد لها الحانوت مع كونهم أكروه لإقامة تلك الصنائع وتحمل المكترون مصاريف ذلك، ووقع الحكم بأن المكتري إذا كان على تلك الصفة ووضع ما يلزم للعمارة بإذن المالك فلا يصح إخراجه إلا أن يقبل المالك بتلك الموضوعات بدون خسارة وإلا فيبقى المكتري بكرائه متمتعا بخلوه، وبما يجحف بالمالكين من تعويض مصاريف الموضوعات اضطروا لإبقائهم فتصرف المكترون بأنفسهم وأكروا لغيرهم وباعوا مكانهم على أن لا يأخذ المالك إلا مقدار الكراء وما زاد عليه يبقى لصاحب العمارة.
وتسمى هذه العمارة في مثل حوانيت العطارين بتونس - نصبة – وفي مثل حوانيت السوقة من باعة الزيت والخبز والصابون – راغلة – وفي مثل الطواحين – عدة -.
وبتطاول الأعصار وارتفاع الأسعار جرى عمل البلاد على ذلك وتقررت به أملاك لها بال في سائر أنحاء البلاد حيث تعتبر فيها التبقية.
(١) كتاب مطالع الدارري بتوجيه النظر الشرعي على القانون العقاري: ص ١٦٢. طبع المطبعة التونسية الرسمية. سنة ١٣٠٥ هـ