للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا فالمسائل المجمع عليها قد تكون طائفة من المجتهدين لم يعرفوا فيها نصا فقالوا فيها باجتهاد الرأي الموافق للنص، ولكن كان النص عند غيرهم. وابن جرير وطائفة يقولون: لا ينعقد الإجماع إلا عن نص نقلوه عن الرسول، مع قولهم بصحة القياس.

ونحن لا نشرط أن يكونوا كلهم علموا النص فنقلوه بالمعنى كما تنقل الأخبار، لكن استقرأنا موارد الإجماع فوجدناها كلها منصوصة، وكثير من العلماء لم يعلم النص، وقد وافق الجماعة، كما أنه قد يحتج بقياس وفيها إجماع لم يعلمه فيوافق الإجماع ".

(مجموع فتاوى شيخ الإسلام ١٩/١٩٤ – ١٩٦)

هل البنك فقير حتى نقرضه؟

يعجب كثير من الناس عندما يسمعون أن ودائع البنوك تعتبر قرضا، فالقرض إنما يكون للفقير المحتاج، والمودع قد يكون هو الفقير الذي ادخر أموالا قليلة بشق الأنفس للانتفاع بها في وقت آخر، أو لأي سبب من الأسباب، فكيف يقرض البنك صاحب الملايين؟!

ويعترض بعض أهل العلم على جعل هذه الودائع من باب القرض؛ لأن القرض عقد إرفاق، والمتعاملون مع البنوك هنا إنما يريدون الإيداع والاستثمار، وليس الرفق بالبنوك والإحسان إليها!

وعامة الناس معذورون، وخاصتهم قد يعذرون وقد لا يعذرون.

وقبل أن أحاول إزالة هذه الشبهة أضع أمام القارئ المسلم ما يأتي:

بعد أن قتل الزبير بن العوام – رضي الله عنه – ترك من بعده مالا كثيرا وفيرا، ووجدوا عليه دينا كبيرا! وقد أشار إلى هذه التركة وهذا الدين الإمام البخاري في صحيحه، وكثير غيره كما ذكر الحافظ في الفتح.

قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٧/٢٥٠) :

"وقد كان الزبير ذا مال جزيل وصدقات كثيرة جدا، لما كان يوم الجمل أوصى إلى ابنه عبد الله، فلما قتل وجدوا عليه من الدين ألفي ألف ومائتي ألف، فوفوها عنه، وأخرجوا بعد ذلك ثلث ماله الذي أوصى به، ثم قسمت التركة بعد ذلك، فأصاب كل واحدة من الزوجات الأربع من ربع الثمن ألف ألف ومائتا ألف درهم.. فعلى هذا يكون جميع ما تركه من الدين والوصية والميراث تسعة وخمسين ألف ألف وثمانمائة ألف ".

معنى هذا أن تركة الزبير رحمه الله ورضي عنه كانت كالآتي:

مجموع الديون مليونان و٢٠٠ ألف.

نصيب الزوجات الأربع ٤ ملايين و ٨٠٠ ألف، ومن المعلوم أن نصيب الزوجة أو الزوجات (ثمن التركة) فتكون التركة المقسمة على الورثة ٦٨ مليونا و ٤٠٠ ألف، وهذا يعادل الثلثين، حيث أوصى بالثلث ومقداره ١٩ مليونا و ٢٠٠ ألف، وبهذا تكون التركة بعد الديون ٥٧ مليونا و٦٠٠ ألف درهم وهنا يرد السؤال:

من يملك هذه الثروة الضخمة كيف يستدين هذا الدين؟

<<  <  ج: ص:  >  >>