للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التأجير المنتهي بالتمليك من حيث نظر الفقهاء

نتناول الموضوع في ظل هذه النظرية من وجهات ثلاث هي:

أولًا: من وجهة أن الاعتبار في العقود هل هو بظواهرها أم بمعانيها.

ثانيًا: من وجهة اشتمال العقد على شرط وأثره عليه.

ثالثًا: من وجهة نظرية الحيل في الفقه الإسلامي ومدى جواز الأخذ بها.

أولًا- التأجير المنتهي بالتمليك من وجهة النظر الأولى:

وهي هل العبرة في العقود بظواهرها أم بمعانيها. هذه القاعدة بحثها فقهاء الأحناف في الأشباه والنظائر لابن نجيم. وأخذت بها مجلة الأحكام العدلية. وبحثها الإمامان النووي والسيوطي الشافعي في المجموع والأشباه والنظائر وغيرهما وبحثها من أئمة الحنابلة ابن رجب في القواعد وابن القيم في إعلام الموقعين. واختلفت آراؤهم، فمنهم من غلب جانب اللفظ على المعنى، فيأخذ بظاهر اللفظ تاركًا المعنى، وقصد المتعاقدين، ومنهم من غلب جانب المعنى وقصد المتعاقدين على ظواهر الألفاظ ومع هذا، فإنهم لا يهملون جانب اللفظ متى أمكن الجمع بينه وبين المعنى جاء في شرح المجلة لمحمد سعيد المحاسني عند كلامه على المادة الثالثة من المجلة: (إن أي عقد من العقود- سواء كان للمعاوضة- أولًا إنما تتعلق به الأحكام باعتبار ما قصد العاقدان من معناه الذي اتفقا على إيجاده بذلك العقد وإيضاح ذلك أن كلًا من المفردات والجمل الموضوعة لها معانٍ حقيقية تدل عليها بالوضع وتدل أيضًا على معانٍ مجازية لها علاقة بالمعاني الحقيقية، فإن قصد معنى المفردات والجمل الوضعية يكون قد اتحدَّ المعنى الوضعي مع قصد المتعاقدين. وإن قصدت غير معانيها الحقيقية فالأحكام تترتب على تلك العقود باعتبار تلك المعاني المقصودة ولو لم تكن حقيقية. ودليل هذه القاعدة الإجماع المنعقد من سائر البشر؛ لأن المتعاقدين يستخرجان نتائج عقدهما إما عن طريق الحقيقة وإما عن طريق لمجاز؛ فالمتكلم بصيغ العقود، إما أن يقصد التكلم بها أولًا فإن لم يقصد كالمكره والنائم والمجنون والسكران فلا يترتب عليها حكم، وإن قصد التكلم بها وهو يعلم معناها ومدلولها والقصد منها ترتبت أحكامها في حقه ولزمته، وإن لم يقصد معناها ولا غيره يكون هازلًا، وإن قصد غير معناها، فإن قصد ما يجوز له قصده كأن يقصد بقوله هي طالق من زوج كان قبله لا تلزمه أحكام الطلاق ديانة، أما قضاء فإن وجدت قرينة تدل على صدقه صدق وإلا فلا، وإن قصد بها ما لا يجوز قصده من المعاني المحظورة في الشر٠ع فلا يعتبر ذلك القصد لأنه ممنوع بذاته، والتوسل به بالألفاظ الموضوعة لمعانٍ مشروعة لا يبطل كونه محظورًا) .

<<  <  ج: ص:  >  >>