وقبل المحاسني بسط الإمام ابن القيم تلك العبارات في مؤلفه (أعلام الموقعين: ٣/٣٣) بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد.
صورة مسألة التأجير المنتهي بالتمليك:
وصورة المسألة هو أن يتفق المستهلك مع التاجر على شراء سلعة بثمن محدد يتفقان على تقسيطه على أقساط شهرية، وقد يمتد أمد السداد سنتين أو ثلاثًا أو أكثر ويلبسان هذا العقد ثوب الإيجار، وربما نصا في العقد على أنه بعد انتهاء تلك المدة يملك المستأجر العين محل العقد، فقصد المتعاقدين هو البيع لا الإجارة وإلى هذا أشار الإمام النووي في المجموع ذاكرًا الرأيين وأدلة كل رأي، وهذا نص عبارته: (قال المتولي لو قال وهبت لك هذا بألف أو هذا لك هبة بألف فقبل، هل ينعقد هذا العقد؟ فيه خلاف مبني على قاعدة وهي أن الاعتبار في العقود بظواهرها أم بمعانيها؟ وفيه وجهان:
أحدهما: الاعتبار بظواهرها، لأن هذه الصيغ موضوعة لإفادة المعاني وتفهيم المراد منها عند إطلاقها فلا تترك ظواهرها، ولهذا لو استعمل لفظ الطلاق وأراد به الظهار أو عكسه تعلق باللفظ دون المعنى، ولأن اعتبار المعنى يؤدي إلى ترك اللفظ، ولأنا أجمعنا على ألفاظ اللغة فلا يعدل بها عما وضعت له في اللغة، فيطلق اللفظ لغة على ما وضع له، فكذا ألفاظ العقود، ولأن العقود تفسر باقتران شرط مفسر ففسادها بتغيير مقتضاها أولى.
والوجه الثاني: أن الاعتبار بمعانيها لأن الأصل في الأمر الوجوب، فإذا تعذر حمله عليه حملناه على الاستحباب، وأصل النهي التحريم فإذا تعذر حمله عليه حملناه على الاستحباب، وأصل النهي التحريم فإذا تعذر حمله عليه حملناه على كراهة التنزيه، وكذا هنا إذا تعذر حمل اللفظ على مقتضاه يحمل على معناه، ولأن لفظ العقد إذا أمكن حمله على وجه صحيح لا يجوز تعطيله، ولهذا لو باعه بعشرة دراهم وفي البلد نقود أحدها غالب حملناه على الغالب طلبًا للصحة. قال المتولي: ويتفرع على هذه القاعدة مسائل، منها:
المسألة الأولى: وهي إذا قال وهبته لك بألف، فإن اعتبرنا المعنى انعقد بيعًا، وإن اعتبرنا اللفظ فسد العقد، فإذا حصل المال في يده كان مقبوضًا بحكم عقد فاسد.
المسألة الثانية: لو قال بعتكه ولم يذكر ثمنًا، فإن اعتبرنا المعنى انعقد هبة وإلا فهو بيع فاسد.
المسألة الثالثة: لو قال أسلمت هذا الدينار أو دينارًا في هذا الثوب، فإن اعتبرنا المعنى انعقد بيع عيني وإلا فهو سلم فاسد.