للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل الربا يحل بالعادة.. والرضا والاستفادة؟

تحدث أحد السادة الأساتذة عن فوائد البنوك فقال:

"لقد تعودت الناس منذ أجيال عديدة على النظام القائم.

إن وضع المسلمين في البنوك استفادة ما دام لا يجهد المقترض (البنك) ولا يستغله. وليس من الحكمة التنازل عن ربح أموالنا المشتغلة في التجارة.

نظام التوفير ليس ربا.. مادام المتعامل قد ذهب طائعا مختارا وسلم أمواله للبنك.. كذلك نظام الوديعة ليس ربا مادام البنك هو الذي حدد الفائدة وليس المودع.. أي أنك لم ترغم البنك على سعر فائدة معين، بل هو الذي حدد هذه الفائدة على حسب ما أجرى من دراسات وخطط اقتصادية.

الفائدة هنا أرباح في الواقع " اهـ.

وبالنظر في كلام الأستاذ الدكتور نلحظ ما يلي:

أولا: من المعلوم أن البنوك نشأت يهودية ربوية، وعندما دخلت بلاد الإسلام حملت معها طابعها اليهودي الربوي، فقد كان المسلمون في حالة من الضعف والخضوع لم تجعلهم يترددون في قبول ما هو قادم إليهم من بلاد الاستعمار وعلى الأخص أنه يتصل بالنظام الاقتصادي الرأسمالي الذي فتن به الكثيرون، فإذا تعود الناس التعامل بالربا، فهل العادة تحكم النص وتخرج المسلمين من الأذان بحرب من الله ورسوله، وتجعل الربا المحرم بالكتاب والسنة حلالا طيبا؟!

ما أكثر الحرام الذي انتشر في عصرنا! أفيصبح حلالا مادام الناس قد تعودوه؟!

ثانيا: يعترف الأستاذ بأن ودائع البنوك عقد قرض، فالبنك مقترض، ومعنى هذا أن الزيادة المشروطة في العقد مرتبطة بالقرض والزمن، وهذا من ربا الديون المحرم بالكتاب والسنة، ولكن الأستاذ يرى أن هذا ليس من الربا المحرم لأسباب ذكرها وهي:

١ – الاستفادة وعدم إجهاد المقترض وعدم استغلاله.

٢ – المقرض أقرض طائعا مختارا.

٣ – المقترض هو الذي حدد الفائدة – أي الزيادة الربوية – وليس المقرض.

ولا أدري كيف أن الاستفادة تحل الحرام؟ وهل يخلو الحرام من فائدة ما؟ أن الخمر والميسر بنص القرآن الكريم فيهما منافع {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} . أفلأحد أن يحلهما إذا كان فيهما استفادة؟ أن شركات الطيران التي تصر على بيع الخمر، والدول التي تبيح الخمر والمجون، تستند إلى الاستفادة، أفترى أيها الأستاذ أن هذا حلال؟

<<  <  ج: ص:  >  >>