للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإيجار الساتر للبيع:

وحتى يتجنب البائع المحظورين اللذين أشرنا إليهما- عدم اعتبار المشتري مبددًا إذا تصرف في المبيع قبل الوفاء بالثمن، وعدم استطاعة البائع استرداد العين من تفليسة المشتري، يعمد في كثير من الأحيان أن يخفي البيع بالتقسيط تحت ستار عقد الإيجار، فيسمى البيع إيجارًا، وغرضه من ذلك ألا تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري بمجرد العقد، حتى هذه الملكية المعلقة على شرط واقف والتي كانت هي المانعة من اعتبار المشتري مبددًا ومن استرداد البائع للمبيع من التفليسة، فيصف المتعاقدان العقد بأنه إيجار، ويصفان أقساط الثمن بأنها هي الأجرة مقسطة ثم يتفقان على أنه إذا وفَّى المشتري بهذه الأقساط انقلب الإيجار بيعًا وانتقلت ملكية البيع باتة إلى المشتري، وحتى يحكما ستر البائع يتفقان في بعض الحالات على أن يزيد الثمن قليلًا على مجموع الأقساط فتكون الأقساط التي يدفعها المشتري هي أقساط الأجرة لا أقساط الثمن، فإذا وفاها جميعًا ووفى فوق ذلك مبلغا إضافيًّا يمثل الثمن انقلب الإيجار بيعا باتًّا.

ويحسب البائع بذلك أنه قد حصن نفسه: فهو أولًا وصف البيع بأنه إيجار، وسلم العين للمشتري على اعتبار أنه مستأجر، فإذا تصرف المشتري فيها وهو لا يزال مستأجرًا أي قبل الوفاء بالثمن، فقد ارتكب جريمة التبديد ومن ضمن عقودها الإيجار. وهو ثانيًا قد أمن شر إفلاس المشتري، إذ لو أفلس وهو لا يزال مستأجرًا، فإن البائع لا يزال مالكًا للمبيع ملكية باتة فيستطيع أن يسترده من تفليسة المشتري.

ولكن بالرغم من تذرع المتعاقدين بعقد الإيجار يستران به البيع، فإن الغرض الذي يرميان إلى تحقيقه واضح، فقد قصدا أن يكون الإيجار عقدًا صوريًّا يستر العقد الحقيقي وهو البيع بالتقسيط، والمبلغ الإضافي الذي جعله المتعاقدان ثمنًا ليس إلا ثمن رمزي والثمن الحقيقي إنما هو هذه الأقساط التي يسميانها أجرة. ومن ثم قضت الفقرة الرابعة من المادة (٤٣٠) مدني، بأن أحكام البيع بالتقسيط تسري على العقد، ولو سمى المتعاقدان البيع إيجارًا، ويترتب على ذلك أن الإيجار الساتر للبيع يعتبر بيعًا محضًا، وتسري عليه أحكام البيع بالتقسيط التي تقدم ذكرها. وأهمها أن تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري معلقة على شرط إلى آخره.

<<  <  ج: ص:  >  >>