للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهب المالكية: سُئِلَ ابن القاسم عن قول مالك ينبغي للحاكم إذا غلا السعر واحتاج الناس أن يبيع ما عندهم من فضل الطعام أن يبيعوا! قال: إنما يريد مالك طعام التجار الذين خزنوا للبيع من طعام جميع الناس إذا اشتدت السنة واحتاج الناس إلى ذلك ولم يقل المالك يباع عليهم ولكن قال: يأمر بإخراجه وإظهاره للناس، ثم يبيعون ما عندهم مما فضل عن قوت عيالهم كيف شاؤوا ولا يسعر عليهم، قيل: فإن سألوا الناس مالا يحتمل من الثمن؟ هو مالهم يفعلون فيه ما أحبوا ولا يجبرون على بيعه بسعر يوقت لهم – هم أحق بأموالهم – ولا أرى أن يسعر عليهم، وما أراهم إذا رغبوا وأعطوا ما يشتهون أن لا يبيعوا – وأما التسعير فظلم لا يعمل به من أراد العدل (١) .

وقال ابن وهب سمعت مالكًا وسئل عن صاحب السوق بسعر، فيقول: إما بعتهم بكذا، وإما أخرجتم السوق، فقال: قال مالك: لا خير في هذا (٢) .

مذهب الشافعية: يحرم التسعير ولو في وقت الغلاء بأن يأمر الوالي السوقة أن لا يبيعوا أمتعتهم إلا بكذا للتضييق على الناس في أموالهم، وقضية كلامهم أن ذلك لا يختص بالأطعمة (٣) .

مذهب أحمد: قال ابن حامد ليس للإمام أن يسعر على الناس، بل يبيع الناس أموالهم على ما يختارون وهذا مذهب الشافعي – وكان مالك يقول: يقال لمن يريد أن يبيع أقل مما يبيع به الناس بِعْ كما يبيع الناس أو أخرج عنا – وناقش مالكًا واستدل بحديث أنس - وعلق عليه بقوله إنه علل بكونه مظلمة والظلم حرام (٤) .

وكما استدل أصحاب المذاهب على أن الأصل في التسعير المنع بالقرآن والسنة، كذلك استدلوا على المنع بالمصلحة التي يجب مراعاتها – وبالعدل الذي هو المعيار الذي يجب أن يضبط تدخل صاحب السلطة.

يقول الشوكاني وجه المنع من التسعير أن الناس يسلطون على أموالهم والتسعير حجر عليهم والإمام مأمور برعاية مصلحة المسلمين. وليس نظره في مصلحة المشتري يرخص الثمن أولى من النظر في مصلحة البائع بتوفير الثمن، وإذا تقابل الأمران وجب تمكين الفريقين من الاجتهاد لأنفسهم (٥)


(١) المعيار: ٦/٤٢٥
(٢) المعيار: ٦/٤٢٥
(٣) مغني المحتاج: ٢/٣٨
(٤) المغني: ٤/٢٣٩ – ٢٤٠
(٥) نيل الأوطار: ٣/٣٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>