للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا اختلاف بينهم إن ما عدا الأطعمة من العصفر والكتان والحناء وشبهها من السلع يجوز احتكارها إذا لم يضر ذلك بالناس.

وهذا الذي ذكره ابن رشد زاده عياض تحديدًا، فقال: والممنوع هو فيما اشترى من السوق، وأما من جلب شيئًا من بلد فله ادخاره إلا أن ينزل بالناس حاجة ولا يوجد عند غيره فيؤمر ببيعه لدفع الضرر عن الناس. وكذلك ما اشتراه لقوت عياله، لادخاره صلى الله عليه وسلم قوت عياله سنة، (وزاد القرطبي فقال: وكذلك له ادِّخار ما تحل من كسبه. فإذا باعه الناس لحاجتهم فإنما يبيعه بسعر الوقت. بل إنه رجح أن احتكار ما لا يضر مصلحة وترك احتكاره مفسدة، لأن ذلك الشيء قد يقل أو ينعدم من المستقبل فيوجد عنده. مستدلًا بكلام ابن العربي إذا كثر الجالب ولم يشترِ منهم وردوا. فالاحتكار حينئذ جائز بل مستحب (١) .

الشافعية: قال النووي: قال أصحابنا: الاحتكار المحرم هو الاحتكار في الأقوات خاصةً. وهو أن يشتري الطعام في وقت الغلاء للتجارة ـ ولا يبيعه في الحال بل يدخره ليغلو ثمنه. فأما إذا كان من قريته أو اشتراه في وقت الرخص وادخره أو ابتاعه في وقت الغلاء لحاجته إي أكله أو ابتاعه ليبيعه في وقته فليس باحتكار ولا يحرم فيه. وأما غير الأقوات فلا يحرم الاحتكار فيه بكل حال هذا تفصيل مذهبنا.

قال العلماء والحكمة في تحريم الاحتكار دفع الضرر عن عامة الناس ـ كما أجمع العلماء على أن لو كان عند إنسان طعام واضطر الناس إليه ولم يجدوا غيره، أجبر على بيعه دفعًا للضرر على الناس ـ وما روي أن سعيد بن المسيب ومعمرًا كانا يحتكران، قال ابن عبد البر وآخرون: إنما كانا يحتكران الزيت وحملا الحديث على احتكار القوت عند الحاجة إليه والغلاء. (٢)

الحنابلة: قالوا الاحتكار حرام والاحتكار المحرم هو ما اجتمع فيه ثلاثة شروط:

أحدها: أن يشتري، فلو جلب شيئًا أو أدخل من غلته شيئًا فادخره لم يكن محتكرًا لأن الجالب لم يضيق على أحد ولا يضربه، بل ينفع.

الثاني: أن يكون المشتري قوتًا. فأما الإدام، والحلواء، والعسل، والزيت، وأعلاف البهائم، فليس فيه احتكار محرم.


(١) إكمال الإكمال: ٤/٣٠٥
(٢) شرح مسلم: ١١/٤٣

<<  <  ج: ص:  >  >>