للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد شاع لدى كثيرين أن في علماء المالكية من يحدد نسبة الربح بالثلث ولم أعثر على مصدر لهذه الدعوى وأخشى أن يكون ثمة خلط بين الربح والغبن، ولا تلازم بينهما كما ذكرت في أول البحث.

ولعل الإخوة الأجلاء من علماء المذهب المالكي، وهم متوافرون والحمد لله يفيدونني بما لديهم من علم في هذه المسألة.

لكنني – بتوفيق من الله تبارك وتعالى – وجدت في صحيح السنة المشرفة، وفي عمل الصحابة رضي الله عنهم، ما يدل على أن الربح إذا سلم من كل أسباب الحرام وملابساته، فهو جائز ومشروع، إلى حد يمكن لصاحب السلعة أن يربح فيها ضعف رأسماله، مائة في المائة (١٠٠ %) بل أضعاف رأس ماله، مئات في المائة، وهاكم الدليل.

مشروعية الربح إلى مائة (١٠٠ %) :

قد صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بما يدل على مشروعية الربح إلى مائة في المائة (١٠٠ %) .

وهذا في الحديث الذي أخرجه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن عروة بن الجعد – أو ابن أبي الجعد – البارقي رضي الله عنه.

روى الإمام أحمد في مسنده عن عروة، قال: عرض النبي صلى الله عليه وسلم جلب، فأعطاني دينار، وقال: ((أي عروة، ائت الجلب فاشترِ لنا شاة)) فأتيت الجلب، فساومت صاحبه، فاشتريت منه شاتين بدينار فجئت أسوقهما – أو قال: أقودهما – فلقيني رجل فساومني، فأبيعه شاة بدينار، فجئت بالدينار، وجئت بالشاة، فقلت: يا رسول الله، هذا ديناركم، وهذه شاتكم! قال: ((وصنعت كيف؟!)) قال: فحدثته الحديث فقال: ((اللهمَّ بارك له في صفقة يمينه)) فلقد رأيتني أقف بكناسة الكوفة، فأربح أربعين ألفا قبل أن أصل إلى أهلي. (١) .

ورواه الترمذي بنحوه (٢) .


(١) مسند أحمد (ج ٤ /٣٧٦) ط المكتب الإسلامي.
(٢) رواه في البيوع – حديث (١٢٥٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>