للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند أبي حنيفة لا يلزم البائع بتبين بعض العيوب الظاهرة التي طرأت للمحل عنده مثل حرق النار أو قرض الفأرة، أي لا يجب عليه أن يقول: اشتريته سليمًا فأصابه هذا العيب عندي، وعلة هذا عنده أن ظهور العيب كافٍ لنزع مقابله من الثمن "لأن الفائت وصف بلا صنع أحد" هذا فيما يتعلق ببيان الثمن قبل العيب.

أما العيب نفسه فيجب بيانه بالكتاب والسنة والإجماع لحديث العداء بن خالد الذي روته الجماعة، وهو: كتب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هذا ما باع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم للعداء بن خالد بيع المسلم للمسلم لا داء ولا خبيئة ولا غائلة)) (١) .

هذا إذا كان البيع مرابحة والعيب خفيف، أما إذا وصل العيب إلى درجة تسوق إلى الغبن فإن التساهلات المنسوبة إلى أبي حنيفة قبل سياق لفظ الحديث، لا بد من عدم التمسك بها. وإلا يكون الحكم الذي أعطاه لهذه المسألة غير معلل.

قال الإمام الباجي في المنتقى ما ملخصه:

قال مالك في الأمر المجتمع عليه: عندنا في البز يشتريه الرجل ببلد ثم يقدم به بلدًا آخر فيبيعه مرابحة، إنه لا يحسب فيه أجر السماسرة ولا أجر الطي ولا الشد ولا النفقة ولا كراء البيت، فأما كراء البز في حملانه فإنه يحسب في أصل الثمن ولا يحسب فيه ربح إلا أن يعلم البائع من يساومه بذلك فإن ربحه على ذلك بعد العلم به فلا بأس به.

وأما القصارة والصبغ والخياطة وما أشبه ذلك فعند مالك، فإنه يحسب فيه الربح كما يحسب في البز.

وكراء البز في حمله فهو يحسب في أصل الثمن ولا يحسب فيه ربح، إلا أن يعلم البائع من يساومه بذلك كله.

وأما الثمار، وكراء الرقيق والدواب، فقد قال ابن القاسم في المدونة: من اكترى ذلك كله زمانًا إذا لم تحل الأسواق فلا بأس أن يبيع مرابحة بلا تبيين إلا أن يطول الحال فإن عليه آنذاك التبيين، لإمكانية تغير حال السوق؛ وعزي لابن القاسم عن مالك أن من اشترى سلعة فحالت أسواقها، فلا يبيع مرابحة حتى يبين، وإن زادت الأسواق، لأن الناس في الطريق أرغب وظاهر المذهب المنع من ذلك".


(١) المجموع شرح المهذب١٣ /٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>