للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ضوء هذه الأدلة انتقل الشيخ التسخيري فيقول: رغم أن الإسلام اعترف تمامًا بالملكية الخاصة والحرية الاقتصادية إلا أن الإنسان مستخلف في المال، ثم بين وظيفة المال الاجتماعية، وانتهى إلى أنه مما يوضح لنا أن الملكية في الإسلام ليست حقا مطلقًا وإنما هي حق تتبعه مسئولية وعلى ضوء هذا فإذا أريد استغلال الملكية لصالح جشع المالك واستفادته من حاجة الناس إليها للتضييق عليهم والوصول إلى الربح المضاعف فإن ذلك مما يتنافى وطبيعة المسئولية التي أشرنا إليها.

والذي يشخص الضرورة الاجتماعية أو المصلحة الاجتماعية العليا هو ولي الأمر العادل عبر تشاوره مع ذوي الخبرة.

ثم يقول: وعملية التسعير إذا نظر إليها في هذا الإطار كانت عملية طبيعية بلا ريب.

ثم تحدث على مرحلتين مرحلة ما قبل الإنتاج ومرحلة ما بعد الإنتاج – بمعنى أن ما تنتجه الأرض والمواد الخام هو لا دخل فيها، أما مرحلة ما بعد الإنتاج البشري فإن القوانين تعمل عملها ولكن في أطر معينة يرضاها الإسلام للسوق الإسلامية السليمة والتي تذكرها لنا النصوص الإسلامية الكثيرة، إذ لا يوجد في هذه السوق احتكار ولا إجحاف ولا غش ولا تبان لرفع القيم حتى التباني الرسمي، ولا ندرة مصطنعة، كما يتوفر فيها ما يحتاجه المجتمع حيث يجب كفاية توفير ذلك. واستخلص إلى أنه ليس غلاء السعر أو كون الطعام غير مسعر، وأمثال ذلك سببًا للتدخل، أما إذا حصل إجحاف في البين أو الاحتكار وما إلى ذلك مما يتنافى والشكل الإسلامي للسوق فإن لولي الأمر التدخل لإرجاع الحالة إلى الوضع الطبيعي بلا ريب.

وانتهى إلى أن الظاهر أن النصوص تؤكد على حرية التسعير ما لم يتطلب الموقف ذلك وحتى لو أمكن تلافي الحاجة بالأمر بتقليل السعر دون تحديد لتعيين ذلك، فهي حالة استثنائية لا يصار إليها إلا عند الضرورة أو اقتضاء المصلحة العامة الملزمة لذلك.

وإننا إذا تأملنا الخلاف بين العلماء ونصوصهم واستدلالاتهم وجدنا أن هذا يشير إلى الحالة الطبيعية فيحرم، وذلك يشير للحالة الثانوية فيجيز، فهم في الواقع متفقون كما يظهر.

والخلاصة من ملاحظة الأدلة والنصوص والفتاوي يتلخص ما يلي:

أولا: إن الأسعار متروكة للمالكين يسيرون بها حسب العرض والطلب وفي الجو الطبيعي لهما دونما صيرورة إلى ندرة كاذبة واحتكار مذموم.

ثانيا: في الحالات التي تتطلب الضرورة أو المصلحة الاجتماعية تدخل ولي الأمر فإن له بمقتضى ولايته التدخل، والله أعلم هذه هي الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>