وأكد بعد ذلك هذا ولم أجد في كلام الفقهاء – في حدود ما أتيح لي الاطلاع عليه ولم أبحث كل البحث – ما يدل على تحديد نسبة معينة للربح يلتزمها التاجر في تجارته.
ثم يشتم من كلام الزيلعي أن التعدي الفاحش بأنه البيع بضعف القيمة، فقد عرف الزيلعي التعدي الفاحش بأنه البيع بضعف القيمة، ولكنه لم يبين المراد بالقيمة، وهل هي ثمن المثل؟ أو القيمة هي ثمن الشراء؟
ثم بين مشروعية الربح إلى مائة بالمائة وأورد الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي وقعت في حياته وأقرها كحديث حكيم بن حزام: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معه بدينار يشتري له أضحية، فاشتراها بدينار وباعها بدينارين، فرجع فاشترى له أضحية بدينار، وجاء بدينار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتصدق به النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له أن يبارك له في تجارته.
ثم انتقل إلى أكثر من هذا وهو مشروعية الربح أكثر من ذلك.
ومن الأدلة على مشروعية الربح بغير حد – إذا لم يأتِ عن طريق غش ولا احتكار ولا غبن ولا ظلم بوجه ما – ما صح أن الزبير بن العوام رضي الله عنه، أنه اشترى أرض الغابة بمائة وسبعين ألفًا وباعها بمليون وستمائة ألف.
ثم قال، وأحب أن أنبه على أن دلالة الوقائع التي ذكرناها – وقد بين عدة وقائع والحديث والواقعة – ثم قال:
وأحب أن أنبه هنا على أن دلالة الوقائع التي ذكرناها في العصر النبوي والعصر الراشدي، على جواز بلوغ الربح في بعض الأحيان إلى ضعف رأس المال، أو أضعافه، لا تعني أن كل صفقة يجوز فيها الربح إلى هذا الحد، فإن الوقائع التي ذكرناها من حديث عروة، وحديث حكيم بن حزام – إن صح – وحديث عبد الله بن الزبير، هي في الحقيقة وقائع أعيان أو أحوال لا عموم لها، ولا يمكن أن يؤخذ منها حكم عام دائم مطرد، لكل تجار الأمة في كل زمان ومكان، وفي كل الأحوال، وكل السلع، ولا سيما الذين يتاجرون في السلع الضرورية لجماهير الناس.
ثم بين الربح المحرم، وربح الاتجار بالمحرمات، ثم الربح عن طريق الغش والتدليس، ثم التدليس بإخفاء سعر الوقت في بيع الاستئمان، وما نهى عنه صلى الله عليه وسلم من البيوع وأسباب ذلك ثم قال:
فهذه الأخبار في المناهي والحكايات تدل على أنه ليس له أن يغتنم – أي التاجر – فرصة وينتهز غفلة صاحب المتاع، ويخفي من البائع غلاء السعر أو من المشتري تراجع الأسعار، فإن فعل ذلك كان ظالمًا تاركًا للعدل والنصح للمسلمين.