للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: من جهة الصناعة: نحو استعمال أهل النظر متكلمًا في من يناظر في أصول الديانات.

واستعمال أهل الدواوين الزمّام في الكتاب الجامع لما يجمعه، واستعمال أهل الإبل الزمّام لخطام الناقة.

وغير ذلك مما لأهل كل صناعة عرف وعادة فيه. فيحمل لفظ كل طائفة على عرفها وعادتها (١)

فصل في بيان الأسماء العرفية

قال الباجي:

الأسماء العرفية: أن تكون اللفظة موضوعة لجنس في أصل اللغة ثم يغلب عليها عرف الاستعمال في نوع من ذلك الجنس.

مثاله: قولنا دابة: فهو اسم كان موضوعًا في الأصل لكل ما دب ودرج.

ثم غلب عليه الاستعمال لمطلق في البهيمة المخصوصة ذات الأربع.

وكذلك قولنا: صلاة، هي في أصل اللغة موضوعة في الدعاء، ثم استعملت في الشرع في الدعاء بقرائن ومعان مخصوصة.

وكذلك الصوم: هو الإمساك ثمَّ استعمل في إمساك عن معنى مخصوص في وقت مخصوص.

وكذلك الحج: هو القصد في أصل اللغة، ثم غلب عليه عرف الاستعمال بالقصد إلى موضع مخصوص في وقت مخصوص على وجه مخصوص.

وأما البيع: فإنه باقٍ على أصله ومستعمل على الوجه الذي وضع به. وكذلك الربا، إلاَّ أنه يدخل التخصيص على حسب ما يدخل ألفاظ العموم، ولم يستعمل في بعض ما يقع عليه في أصل اللغة دون بعض.

الحقيقة العرفية الشرعية والحقيقة اللغوية

من الثابت أن لكل تشريع عرفًا خاصًا في استعماله لكثير من الألفاظ يخالف به عن حقائقها اللغوية فيجب حمل تلك الألفاظ على معانيها العرفية في لسان الشرع. وهي التي تسمى (بالمصطلحات؛ فالصلاة والصوم والزكاة، والحج، والطلاق) مثلًا: ذات مفاهيم وحقائق شرعية قصدها المشرع كعرف خاص له في الاستعمال وجب أن تعرف هذه الألفاظ عند إطلاقها إلى تلك المعاني العرفية الشرعية تحقيقًا لمراد الشارع منها.

ومن ذلك اليمين الواردة في القرآن والسنة.


(١) الباجي، أحكام الفصول: ص ٢٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>