للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمثلة: قال تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} [الآية ٨٩ من سورة المائدة] ، فإنه مستعمل في معنى الحلف بالله تعالى في عرف الشرع لا الحلف بالطلاق، لأن الحلف بالطلاق لم يكن معودًا أثر نزول الآية الكريمة.

ومن شرط العرف المخصص أن يكون مقارنًا ولهذا فإن اللغو في الأيمان بالله غير مؤاخذ به دون الطلاق.

قال الفقهاء: كل ما ورد به الشرع مطلقًا ولا ضابط له فيه ولا في اللغة يحكم فيه بالعرف.

ومثاله: الحرز في السرقة، والتفرق في البيع، والقبض، ووقت الحيض وقدره.

ومرادهم: أنه يختلف حاله باختلاف الأحوال والأزمنة، ويختلف الحرز باختلاف عدل السلطان وجوره، وبحالة من الأمن والخوف (١)

أوجه استعمال العرف

للعرف استعمالات مختلفة كان في كل منها مبنى لحكم من أحكامها على نحو خاص يمكن إجمالها في الصور التالية:

١- استعماله بمنزلة الدليل على تشريع الحكم، أو الدليل المخصص للنص والمقيد له.

مثاله: الاستدلال على جواز المضاربة بالعرف، والاستدلال على جواز وقف المنقول – عند بعض الفقهاء – بالعرف.

والاستدلال على استصناع الحلي والأثاث وغيرهما بالعرف. واستدلال مالك على عدم جواز خيار الشرط بعرف أهل المدينة.

٢- أن يكون استعمال العرف معيارًا يرجع إليه المفتي والقاضي في تطبيق الأحكام المطلقة.

بيان ذلك: أن الشريعة توجد بها أحكام مطلقة تختلف باختلاف عادات الناس ومصالحهم. والشارع إنما ينص على حكم شامل، والقضاة والمفتون يطبقونه بحسب العرف.

مثاله: عقوبة التعزير فقد أجملها الشارع، فقال الفقهاء: هي كل ما يحصل به التأديب والزجر، وهذا ما يختلف باختلاف الناس وعاداتهم وأحوالهم. ويردع الخسيس بما لا يردعه التغريم بالمال، وقد يكون الكيّ، وقد يكون النفي، والضرب هو العقاب الرادع.

ولهذا فوض الشارع تحديد العقاب إلى ولاة الأمر.


(١) الزركشي، المنثور في القواعد: ٢ /٣٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>