للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستعمال الثالث: أن يقوم العرف مقام النطق بالأمر المتعارف في الدلالة على الإذن، أو المنع، أو الالتزام، أو الشهادة أمام القضاء أو غيرها.

بيانه: أن الأصل في التعبير عن المعاني التي تقوم بالنفس هو اللفظ لوفائه بتفهم الغرض من غير صعوبة، وقد يستغنى عن اللفظ بالعادات الجارية بين الناس الدالة على شيء من غير صعوبة، فهذه العادات تجري مجرى النطق بالعبارات الدالة على مضمونها في اعتبار الشارع، وهي القاعدة المشهورة بين الفقهاء: (المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا) فإن المرد بالشرط ما هو أعم من اللفظ الدال على الإذن، أو صيغة العقد، أو بيان النوع أو القدر في الأغراض الواقعة في العقود إلى غير ذلك.

فمثال العرف الدال على الإذن: إيداع المال عند إنسان فإنه يكون إذنا بدفع الوديعة إلى من جرت العادة بدفعها إليه كالزوجة والأولاد.

ومثال ما يدل على المنع: تسييج الأرض المملوكة فإنه يكون منعًا من استعمال الغير لها.

ومثال ما يدل على ذكر النوع بعد النص على الجنس: كاستئجار الدور والحوانيت بلا بيان ما يعمل فيها، فإنه يكون كالتصريح بالسكنى بالنسبة إلى الدول، وبالتجارة ونحوها بالنسبة إلى الحوانيت، لأن هذا هو المتعارف.

ومثال ما يكون كالتصريح بالقدر استئجار الظئر: بطعامها وكسوتها عند أبي حنيفة، ومالك: حيث يكون التصريح بالقدر الذي به الكفاية في عرف المتعاقدين.

ومثال ما يكون التصريح بالالتزام عقدًا أو بيعًا أو شرطًا، البيع بالمعاطاة: فإنها في العادة تكون دالة على الرضى من الجانبين، فتكون كالتصريح بالإيجاب والقبول.

من ذلك العرف الذي يبين للقاضي من يكون القول قوله من المتداعيين: كما إذا اختلف الزوجان في متاع البيت ولا بينة لواحد منهما، حيث يأخذ القاضي بقول كل واحد منهما فيما تعورف أن يكون له كالكتب وأدوات الزينة وغير ذلك.

الاستعمال الرابع: هو الاستعمال العرفي للألفاظ اللغوية، وهو العرف القولي. فكل متكلم يحمل كلامه على عرف، سواء كان ذلك في خطاب الشارع أم تصرفات الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>