للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلفظ الصلاة: تطلقه اللغة على الدعاء، ويطلقه الشارع على الأقوال والأفعال المخصوصة فقول النبي صلى الله عليه وسلم ((لا يقبل الله صلاة بغير طهور)) يحمل على عرف الشرع لا على المعنى اللغوي.

وكذلك للعرف القولي أثره في جعل الكتابة صريحة، إذا غلب استعمال اللفظ في أحد المعنيين بعد أن كان محتملًا لها: كقول الرجل لزوجته: أنت بائن مني، أنت عليَّ حرام – إذا غلب استعماله في الطلاق فيقع الطلاق بهما بلا نية، وكذلك في قول وكيل المرأة: جوزتك فلانة بل زوجتك.. فإنه ينعقد العقد..

الاستعمال الخامس: أن يكون العرف الجاري بين الناس مرجحًا لبعض المذاهب الفقهية على بعض، بشرط أن يكون كل من المذاهب التي جرى بينها الترجيح له دليل مقبول إلا أن دليل أحد المذاهب أقوى فيترجح المرجوح بالعرف، لأنه إمارة على حاجة الناس، أما المذهب الباطل فلا يرجحه العرف بحال.

مثاله: ترجيح مذهب المالكية والحنابلة القائل: إن المفقود يحكم بموته بعد أربع سنين، لأن هذا المذهب هو الذي يتناسب وفساد الزمان وتداعي الأخلاق.

الاستعمال السادس: أن يكون العرف مفيدًا لتمويل الأشياء وتقومها بعد أن لم تكن كذلك.

مثاله: النحل والنبات الذي يثبت الطب فائدته، وفضلات الدواب التي اعتاد الناس تسميد الزروع بها، فإن اعتياد الناس تقوّم هذه الأشياء لحاجتهم إليها جعلتها أولًا تباع وتشترى بعد أن لم تكن كذلك.

الاستعمال السابع: تأثير العادة في الحكم الشرعي، لأن الظروف التي وجد فيها تغيرت يحتاج إلى احتياط أكثر، أو إلى تخفيف، وهذا يسمى بفساد الزمان.

مثاله: أن عدالة الشهود لا تثبت الآن إلا بالتزكية لفشو الكذب، وضعف الإيمان بعد أن كان يكتفي بمجرد إسلام الشاهد.

ومثاله: خروج النساء إلى المساجد، فإنه كان يسمح بها في الليل والنهار، لأن القلوب كانت محصنة بقوة التدين.

أما الآن فقد تغير حال النساء والرجال، قالت عائشة رضي الله عنها: لو يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل (١)


(١) المدخل، أبو سنة: ص ١٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>