للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستند العرف

ولابد للعرف من مستند يقره الشرع، وأغلب ما يكون العرف مستندًا إلى (مصلحة مرسلة مفيدة ومعقولة بذاتها) كانت هي السبب في انتشاره واضطراده، أو غلبته والنزول عند حكمه.

والمخصص في الواقع مستند العرف لا العرف ذاته.

وعليه يشترط أن تكون (المصلحة) معقولة في ذاتها والتي انعقد الإجماع السكوتي العرفي على شرعيتها.

هذا: والتخصيص ليس إلا إعمالًا للدليلين معًا، بما يحقق التوفيق ويزيل التعارض الظاهر بين النص العام والعرف القائم.

يقول ابن العربي: العادة دليل أصولي بنى الله عليها الأحكام وربط به الحلال والحرام (١)

من له حق الحكم أو الفتوى بالعرف

قال بعض العلماء والمحققين: لا بد للحاكم من فقه في أحكام الحوادث الكلية، وفقه في نفس الواقع وأحوال الناس يميز به بين الصادق والكاذب، والمحق والمبطل، ثم يطابق بين هذا وهذا، فيعطي الواقع حكمه من الواجب، ولا يجعل الواجب مخالفًا للواقع.

وكذا المفتي الذي يفتي بالعرف: لا بد له من معرفة الزمان وأحوال أهله ومعرفة أن هذا العرف خاص أو عام، وأنه مخالف للنص أو لا.

ولابد له من التخرج مع أستاذ ماهر، ولا يكفيه مجرد حفظ المسائل والدلائل، فإن المجتهد لا بد له من معرفة عادات الناس، فكذا المفتي.

وقالوا: لو أن الرجل حفظ جميع كتب أصحابنا لا بد أن يتلمذ للفتوى حتى يهتدي إليها، لأن كثيرًا من المسائل يجاب عنه على عادات أهل الزمان فيما لا يخالف الشريعة.

وقالوا: إن المفتي في الوقائع لا بد له من ضرب اجتهاد ومعرفة بأحوال الناس (٢)


(١) أحكام القرآن: ٣ /١٨٣٠.
(٢) ابن عابدين، الرسائل: ٣ /١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>