للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرف

المعروف في اللغة: ضد المنكر والعرف ضد النكر: يقال أولاه عرفًا أي معروفًا، والمعروف كالعرف وقوله تعالى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} أي مصاحبًا معروفًا، قال الزجاج هنا يحسن من الأفعال وقوله تعالى: {وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} [سورة الطلاق: الآية٦] .

وقال {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} [سورة المرسلات: الآية١] .

قيل الملائكة أرسلوا للمعروف والإحسان. والعرف والعارفة، والمعروف واحد، ضد النكر وهو كل ما تعرفه النفس من الخير، وتأنس به، وتطمئن إليه، وفي الحديث تكرر لفظ المعروف وهو اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله والتقرب إليه، والإحسان إلى الناس وكل ما ندب إليه الشرع من المحسنات، ونهى عنه من المقبحات، وهو من الصفات الغالبة أي أمر معروف بين الناس إذا رأوه لا ينكرونه (١) .

وقوله تعالى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} ، والمعروف الشيء المتعارف المألوف الذي لا ينكر فهو الشيء الحسن انتصب على أنه مصدر وصف لمصدر محذوف أي صاحبهما صحابا معروفا لأمثالهما، وفهم منه اجتناب ما ينكر في مصاحبتهما، فشمل ذلك معاملة الابن أبويه بالشكر، وشمل ذلك أن يدعو الوالد إلى ترك ما ينكره الله ولا يرضى به، ولذلك لا يطاعون إذا أمروا بمعصية، والأمر بمعاشرتهم بالمعروف شامل لحالة كون الأبوين مشركين، فإن على الابن معاشرتهما بالمعروف كالإحسان إليهما وصلتهما، وفي الحديث أن أسماء بنت أبي بكر قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أمي جاءت راغبة أفأصلها، فقال: ((نعم صلي أمك)) وكانت مشركة (وهي قتيلة بنت عبد العزى) ، وشمل المعروف ما هو لهما أن يفعلاه في أنفسهما وإن كان منكرًا للمسلم، فلذلك قال فقهاؤنا: إذا أنفق الولد على أبويه الكافرين الفقيرين وكان عادتهما شرب الخمر اشترى لهما الخمر، لأن شرب الخمر ليس بمنكر للكافر، فإن كان الفعل منكرًا في الدينين، فلا يحل للمسلم أن يشايع أحد أبويه عليه (٢) .


(١) لسان العرب لابن المنظور: ٩ /٢٣٩، وما بعدها
(٢) التحرير والتنوير: ٢١ /١٦١

<<  <  ج: ص:  >  >>