للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه الدلالة بهذا الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام أقره على الاجتهاد بالرأي إذا لم يجد الحكم في الكتاب والسنة، وما القياس إلا ضرب من ضروب الاجتهاد بالرأي.

٢- عن ميمون بن مهران قال: كان أبو بكر الصديق إذا ورد عليه الخصوم نظر في كتاب الله تعالى، فإن وجد فيه ما يقضي به قضى به، وإن لم يجد في كتاب الله نظر في سنة رسول الله، فإن وجد فيها ما يقضي به قضى به، فإن أعياه ذلك جمع رؤساء الناس فاستشارهم، فإذا اجتمع رأيهم على شيء قضى به، وكان عمر بن الخطاب يفعل ذلك أيضًا (١) .

٣- قال عمر بن الخطاب لشريح قاضيه في الكوفه: اقضِ بكتاب الله، فإن لم تجد فبقضاء رسول الله، أي سنته، فإن لم تجد فاقض بما استبان لك من الأئمة المهتدين، فإن لم تجد فاجتهد رأيك واستشر أهل العلم والصلاح (٢) . ومثل هذا كان يقول عبد الله بن مسعود (٣) .

العرف:

معنى العرف: العرف بضم العين، هو في اللغة ضد النكر (٤) يقال أولاه عرفًا، أي معروفًا، وورد أيضًا بمعنى المكان المرتفع، يقال عرف الجبل ونحوه (٥) . وقد يطلق على عرف الفرس – وهو الشعر على محدب رقبة الفرس – لارتفاعها، ويقال مثل ذلك في عرف الديك أيضًا (٦) .

ويأتي بمعنى الجود والتتابع، ومنه طار القطا عرفًا، أي بعضها خلف بعض، وهو بفتح العين بمعنى الريح طيبة كانت أم منتنة، ولكن أكثر استعماله في الطيبة (٧) .

وهو عرفًا ما اعتاده الناس وألفوه سواء كان قولًا أو فعلًا. وهذا هو عين تعريفه في اصطلاح الفقهاء.

فقد حكى ابن عابدين عن بعض الأئمة تعريف العادة والعرف بأنه "ما استقر في النفوس من جهة العقول وتلقته الطباع السليمة بالقبول" (٨) . وعرفه الأستاذ الزرقا بقوله: "وهو عادة جمهور قوم في قول أو فعل" (٩) . وبمثل هذا عرفه الأستاذ زيدان أيضًا (١٠) .


(١) انظر إعلام الموقعين: ١ /٥١.
(٢) إعلام الموقعين أيضًا: ١ /١٧١.
(٣) إعلام الموقعين: ١ /٥٢؛ وانظر الصنعاني في سبل السلام:٤ /١١٩.
(٤) مختار الصحاح، مادة (عرف) .
(٥) القاموس المحيط، كذا المعجم الوسيط، مادة (عرف) .
(٦) مختار الصحاح، مادة (عرف) أيضًا.
(٧) مختار الصحاح، مادة (عرف) أيضًا.
(٨) رسالة نشر العرف: ص٣.
(٩) الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد: ص ٥٥٧.
(١٠) الوجيز في أصول الفقه ص ٢٥٣

<<  <  ج: ص:  >  >>