للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرف والعادة بمعنى واحد: إن العادة عند الفقهاء تعني العرف، فقولهم: هذا ثابت بالعرف والعادة لا يعني أن العادة عندهم غير العرف، وإنما هي نفسه، وقد ذكرت للتأكيد لا للتأسيس. قال ابن عابدين: "إن العادة مأخوذة من المعاودة، فهي بتكررها ومعاودتها مرة بعد أخرى صارت معروفة مستقرة في النفوس والعقول متلقاة بالقبول من غير علاقة ولا قرينة حتى صارت حقيقة عرفية، فالعادة والعرف بمعنى واحد" (١) .

تقسيمات العرف: والعرف كما تبين لنا من تعريفه قد يكون قوليًّا أو عمليًّا وقد يكون عامًا أو خاصًا، وهو بجميع هذه الأنواع قد يكون صحيحًا أو فاسدًا.

وها أنا أوجز الكلام في كل قسم من التقسيمات المذكورة:

١- العرف العملي: وهو ما اعتاده الناس من أعمال سواء كان ذلك في معاملاتهم المالية أو عاداتهم الاجتماعية مثال الأولى: بيعهم بالتعاطي ودخول الحمامات العامة بدون تعيين مدة المكث فيها ولا مقدار الماء المستهلك وعقود الاستصناع. ومثال الثانية: تعارف الناس على أكل البر ولحم الضأن، واعتبار تقديم الطعام للضيف إذنًا له بالتناول ونحو ذلك.

٢- العرف القولي: وهو ما تعارف عليه الناس في بعض ألفاظهم بأن يريدوا بها معنى معينًا غير المعنى الموضوع لها (٢) . وذلك مثل لفظ دابة، فإنها وضعت في الأصل لكل ما يدب على الأرض ثم خصصت عرفًا بذات الأربع. ومثل تعارف الناس على أن لفظ اللحم يراد به غير السمك ونحو ذلك.

والعرف بنوعيه العملي والقولي قد يكون عامًا إذا شاع وفشا بين عامة الناس في البلاد الإسلامية. والخاص منه ما كان مخصوصًا ببلد دون آخر أو بأرباب مهنة دون غيرها ولكل قوم أن يصطلحوا على ما شاؤوا من غير ما هو محرم.

فمن العرف العملي الخاص في العراق تقسيم المهر إلى معجل ومؤجل. ومن العرف القولي العام إطلاق لفظ الدابة على ذوات الأربع ولا يطلقونها على الإنسان، وتعارفهم على استعمال لفظ الطلاق على إزالة الرابطة الزوجية.


(١) رسالة نشر العرف: ص٣.
(٢) أستاذنا زيدان في المصدر السابق: ص٢٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>