للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعادة في الاصطلاح: "الأمر المتكرر من غير علاقة عقلية" (١) .

وقد شرح ابن عابدين هذا التعريف الذي نقله عن "شرح التحرير" لابن الهمام، فقال: "العادة مأخوذة من المعاودة، فهي بتكرارها ومعاودتها مرة بعد أخرى صارت معروفة مستقرَّة في النفوس والعقول متلقاة بالقبول من غير علاقة ولا قرينة، حتى صارت حقيقة عرفية" (٢)

ويرى الأستاذ مصطفى الزرقا "أنَّ العادة أعمُّ من العرف، لأنَّ العادة تشمل العادة الناشئة عن عامل طبيعي، والعادة الفردية، وعادة الجمهور التي هي العرف" (٣) .

فتكون النسبة بين العادة والعرف – كما يقول الأستاذ الزرقا – "العموم والخصوص المطلق، لأنَّ العادة أعمُّ مطلقًا وأبدًّا، والعرف أخصّ إذ هو عادة مقيَّدة، فكلُّ عرف هو عادة، وليست كلُّ عادة عرفًا، لأنَّ العادة قد تكون فرديَّة أو مشتركة (٤) .

ويرى كثير من الفقهاء أن العادة والعرف معناهما واحد، يدلُّ على هذا التعريف الذي تناقله العلماء عن النسفيَّ حيث عرفهما تعريفًا واحدًا.

وقال ابن عابدين بعد شرحه للعادة الذي نقلناه عنه فيما سبق "العادة والعرف بمعنى واحد من حيث الماصدق، وإن اختلفا من حيث المفهوم" (٥) .

ومن تأمل في مباحث الفقهاء وجد أنَّهم يستعملون العادة والعرف استعمالًا واحدًا لا يفرَّقون بينهما، وعلى كلًٍّ "فالمسألة اصطلاحية، ولا مشاحَّة في الاصطلاح".

والذي يميَّز العرف عن العادة عند علماء القانون أن العرف يجتمع له ركناه: المادي والمعنوي، أما العادة فلا يتوفَّر لها سوى الركن المادي، فالعرف تثبت له قوَّة الإِلزام باعتباره قاعدة قانونية، بينما تفتقر العادة إلى هذه القوة (٦) .


(١) نشر العرف، لابن عابدين، مجموعة رسائل ابن عابدين: ٢ /١١٢.
(٢) نشر العرف، لابن عابدين، مجموعة رسائل ابن عابدين: ٢ /١١٢.
(٣) المدخل إلى الفقه الإِسلامي، للأستاذ مصطفى الزرقا: ٢ /٤٨١.
(٤) المدخل إلى الفقه الإِسلامي، للأستاذ مصطفى الزرقا: ٢ /٤٨١.
(٥) نشر العرف، مجموعة رسائل ابن عابدين: ٢ /١١٢.
(٦) راجع: أصول القانون، للدكتور عبد المنعم فرج الصدَّة: ص ١٢٩؛ وأصول القانون، للدكتور حسن كيره: ص ٣٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>