للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبنى الباحثون في القانون على هذه التفرقة بين العادة والعرف عِدَّة أمور:

١- وجوب تطبيق القاضي للعرف من تلقاء نفسه في الدعوى المرفوعة أمامه، لأن العرف عند رجال القانون – كما سبق بيانه – قاعدة قانونية ملزمة.

ولا يتوقف تطبيق العرف على طلب الخصوم، أما العادة الاتفاقية فتعتبر شرطًا من شروط العقد.

٢- لا يطلب من الخصم إثبات العرف، بل هذا واجب على القاضي حيث يلزمه الإحاطة بالقانون، وهذا يجعل القضاة ملزمين بالتعرف على أعراف الناس للحكم بها عند الفصل بين الخصوم، أما العادة الاتفاقية فلا يلزم إحاطة القاضي بها.

٣- يطبق العرف مع علم الخصوم به أو عدم علمهم به إذا لا يجوز الاعتذار بجهل القانون، أما العادة فلا تطبق إلا إذا انصرفت إرادة المتعاقدين إلى الأخذ بها، وهذا يقضي بعلم المتعقادين بها، ومع جهلهما أو أحدهما بها فلا تطبق عليهما.

٤- يخضع العرف لرقابة محكمة النقض، لأن وظيفة هذه المحكمة مراقبة القوانين، أما العادة فهي من قبيل الواقع، الذي يكون التقدير فيها للقاضي، فلا يخضع القاضي فيه لرقابة محكمة النقض (١)

وأرى أن هذا التفريق بين العرف والعادة غير سديد لأمور:

الأول: أن اشتراط وجود الركن المعنوي لا نوافق عليه، وهو مناط التفريق بين العادة والعرف عند القانونيين، وقد سبق بحث هذه النقطة.

الثاني: أن التفريق بين العادة والعرف على هذا النحو الذي قال به القانونيون يوقع القضاة والحكام في حرج شديد، فالحاكم وإن أمكنه التفريق بين العرف والعادة في بعض الأحيان إلا أن هذا غير ممكن دائمًا وأبدًا.

ولك أن تتأمل في الأمثلة التي مثلوا بها للعادة الاتفاقية فمن الأمثلة التي يضربونها في هذا المجال ما يجري بين تجار الفاكهة في مصر عند البيع بسعر مائة حبة، ومن احتساب المائة وعشرة أو المائة وعشرين إلى غير ذلك بحسب نوع المبيع واختلاف المناطق وما تجري به العادة في بعض المحلات العامة كالفنادق والمطاعم والمقاهي من قيام العملاء بدفع هبة بنسبة معينة من قيمة الحساب إلى القائمين بالخدمة في هذه المحال، وما تجري به العادة من أنه إذا اشترك شخصان فقدم أحدهما رأس مال، وتعهد الثاني بإدارة الأعمال فإن توزيع الأرباح بينهما يكون بنسبة الثلثين للشريك الذي قدم رأس المال وبنسبة الثلث للشريك الذي قام بإدارة الأعمال (٢)


(١) أصول القانون للدكتور، عبد المنعم فرج الصدة: ص ١٣٢
(٢) أصول القانون، للدكتور عبد المنعم فرج الصدة ص ١٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>