للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثاني

القوة الملزمة للعرف

١٩- تقتضي دراسة القوة الملزمة للعرف أن نبحث أولًا حجية العرف ومنزلته بين أدلة التشريع، ثم نستعرض بعد ذلك الآراء المختلفة التي قيل بها لتحديد الأساس الذي قامت عليه هذه القوة الملزمة، وهذا نعالجه في مبحثين:

المبحث الأول: حجية العرف ومنزلته بين أدلة التشريع.

المبحث الثاني: أساس القوة الملزمة للعرف.

المبحث الأول

حجية العرف ومنزلته بين أدلة التشريع

أولا – حجية العرف:

٢٠- كلما يجري الحديث عن حجية العرف، يرد إلى الذهن قول العلامة ابن عابدين في منظومة "عقود رسم المفتي ":

والعرف في الشرع له اعتبار

لذا عليه الحكم قد يدار (١) .

فعلى الرغم من أن ابن عابدين من فقهاء المذهب الحنفي، إلا أنه يعبر بقوله هذا عن حجية العرف واعتباره في كافة المذاهب، وهذا ما أشار إليه القرافي بقوله: أما العرف فمشترك بين المذاهب، ومن استقرأها وجدهم يصرحون بذلك فيها (٢) وعندما ذكر القرطبي: أن الشافعية أنكروا العمل بالعرف لفظًا وعملوا به معنى، رد عليه ابن حجر بقوله: إن الشافعية إنما أنكروا العمل بالعرف إذا عارضه النص الشرعي أو لم يرشد النص الشرعي إليه (٣) وهو ما أكده السيوطي بقوله: اعلم أن اعتبار العادة والعرف في الشرع رجع إليه في الفقه مسائل لا تعد كثرة (٤) وعند الحنابلة: لا يجوز للحاكم ولا لغيره أن يساعد من ادعى حقا يشهد الحس والعادة والعرف أنه ليس له (٥) وبناء على ذلك تقرر في التشريع والفتوى والقضاء أن " العادة محكمة " (٦) ، وأن " استعمال الناس حجة يجب العمل بها " (٧) وأن " الممتنع عادة كالممتنع حقيقة " (٨) ، وأن " الحقيقة تترك بدلالة العادة " (٩) ، وأن " المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا " (١٠) ، وأن " المعروف بين التجار كالمشروط بينهم " (١١) ، وأن " التعيين بالعرف كالتعيين بالنص " (١٢) .


(١) ابن عابدين، مجموعة رسائل: ١ /٤٤.
(٢) القرافي، شرح تنقيح الفصول: ص ١٩٤.
(٣) ابن حجر العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح البخاري، طبعة الحلبي: ٩ /٤٢٠.
(٤) السيوطي، الأشباه والنظائر: ص ٩٠.
(٥) ابن قيم الجوزية، إغاثة اللهفان، القاهرة ١٩٣٩م: ٢ /٥٥.
(٦) المادة ٣٦ من المجلة، وانظر في شرحها: أحمد الزرقا، المرجع السابق: ص ١٦٥- ١٦٨.
(٧) المادة ٣٧ من المجلة، وانظر في شرحها: أحمد الزرقاء، المرجع السابق: ص ١٦٩.
(٨) م ٣٨ مجلة، وانظر: أحمد الزرقاء، نفس المرجع: ص ١٧١-١٧٢.
(٩) م ٤٠ مجلة، وانظر: أحمد الزرقاء: ص ١٧٧.
(١٠) م ٤٣ مجلة، وانظر: أحمد الزرقاء: ص ١٨٣-١٨٤.
(١١) م ٤٤ مجلة، الزرقاء: ص ١٨٥ – ١٨٦.
(١٢) م ٤٥ مجلة، الزرقاء: ص ١٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>