للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد لوحظ اختلاف الوصية بحسب العرف عن الشريعة الإسلامية أيضًا في بعض أجزاء البنجاب.. ولا تعترف الشريعة الإسلامية بالتبني، على أن طغى العرف على هذا التحريم.. ويطبق حكم الشريعة الإسلامية في الشفعة على تفاوت في ضوء ما جرى به العرف وقد رفضت محاكم مدارس الأخذ به لأنه في رأيها مناف للعدل والإنصاف وسلامة الضمير.. وبتقسيم الهند يمكن أن نذهب إلى أن العادات سوف لا يكون لها منذ الآن أية حجة شرعية في الباكستان، ومع ذلك فإن هذا القول لا يصدق بيقين على الهند. وعلى أن العادة، سواء اكتسبت حجة شرعية أو لم تكتسب، فإنه سوف يكون من المستحيل أن نقتلع أثرها الراسخ في النفوس لعدة أجيال قادمة (١)

٥٢ – (ب) شمالي إفريقية:

يعترف "Bousquet" بأن شمالي إفريقيا، الذي كان أهله يتحدثون بلهجات بربرية قبل قدوم العرب، قد اصطبغ منذ قدومهم بصبغة عربية وإسلامية متأصلة (٢) فلما أخضع الفرنسيون هذه القبائل، في سنة ١٨٥٧ هـ، استماتوا في سبيل الوقوف على أعراف وعادات " القبائل الكبرى " و" الريف " و " الأطلس المغربي "، التي لم تكن مقبولة لدى الحكومات الإسلامية في تلك المناطق. وكانت أول عقبة واجهتهم: أن اللغة البربرية لغة حديث وتخاطب، وليست لغة كتابة فاستعاضوا عنها مؤقتًا باللغة العربية. وقد قام علماء فرنسيون بإجراء تحقيقات مع الشيوخ والقرويين، بواسطة بعض الموظفين الرسميين، لمعرفة ما انتقل إليهم من العادات الموروثة، ثم جمعوها في ثلاثة مجلدات، أضفوا عليها صبغة فنية وقانونية، مما جعل المحاكم تلتزم بتطبيقها (٣) وإلى جانب ذلك قام فرق من العلماء على رأسه "Hanoteau" و "Letourneux" بترجمة عدة وثائق عرفية، محررة باللغة العربية، لتكون أحد عوامل الانفصال لدى القبائل (٤) ، إلى جانب اللغة الفرنسية التي بذلوا جهدًا شاقًا في سبيل تعليمهم إياها، وغرسها في نفوس وعقول أبنائهم.

٥٣- (ج) جزر الهند الشرقية:

تشمل كلمة " أدت "، التي سادت جميع المناطق في جزر الهند الشرقية، كل ما يدخل في باب العرف والشعائر والمعاملات (٥) ولما احتل الهولنديون هذه الجزر، عمدوا إلى إحياء العادات الأندونيسية القديمة وتجميعها في قانون أطلق عليه اسم "Adatrecht"، وأجبروا طلاب كلية الحقوق في "Batavia" على دراسته منذ سنة ١٩١٠ م. وإلى جانب ذلك قام "Snouch-Hurgronje" و "Van Vollenhoven" بتجميع محاضر جلسات لجنة التحقيق عن الأعراف والعادات بماليزيا في أربعة وثلاثين مجلدًا (٦) وقد قام جدل لم ينقطع حول قيمة " قانون العادات " وصلته بالشريعة، أدى بأتباع الأحزاب القومية المتطرفين إلى رفض الشريعة الإسلامية وقانون العادة جميعًا، والمطالبة بتطبيق القانون الهولندي. فاتخذ المستعمرون من هذا الموقف الجديد ذريعة لصبغ قانون الأحوال الشخصية في أندونيسيا بالصبغة الغربية، ولكن مشروعاته لم توضع موضع التنفيذ ومع ذلك، فإن بعض عناصر القانون الغربي تسللت إلى الحياة الأندونيسية نتيجة للمشروعات الحديثة، تمهيدًا لوضع لائحة موحدة " تجمع جمعًا طريفًا بين عناصر من القانون الغربي والشريعة الإسلامية وقانون العادة " على حد تعبير "Prins" (٧)

* * *


(١) دائرة المعارف الإسلامية: مجلد ١٥، ص ٤٦١ – ٤٦٥.
(٢) دائرة المعارف الإسلامية: مجلد ١٥، ص ٤٦١ – ٤٦٥: مجلد ١٥، ص ٤٥٨.
(٣) –La Kabylie et les Coutumes Kabyles. Paris ١٨٧٢.
(٤) – L.Mittiot ; Op. eit. pp. ١٥٨-١٦٧.
(٥) برنز، مقال بدائرة المعارف الإسلامية: مجلد ١٥، ص ٤٦٥.
(٦) – Milliot ; Op. cit، p. ١٥٧.
(٧) برنز، المقال السابق: ص ٤٦٥ – ٤٧٠ والمراجع التي أشار إليها فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>