للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦-٢- مفهوم " المصدر " من ناحية فلسفة الحقوق الإسلامية وتقييم العرف:

المقصود من مفهوم المصدر من ناحية فلسفة الحقوق هو المصدر بمعنى منشأ الحقوق، ومما أجمع عليه الفقهاء المسلمون – وبينهم المعتزلة أيضًا – أن الحقوق الإسلامية بهذا المعنى إلهية تعتمد على الوحي، وأن سلطة إنشاء الحكم ليست لأحد إلا لله وأن العقل ليس له استقلال في هذا المعنى هذه الناحية هي المتفق عليها بين علماء المسلمين. إلا أنهم اختلفوا في مسألتين:

الأولى: هل أحكام الله لا تعرف إلا بواسطة رسله، أو يمكن للعقل أن يستقل بإدراكها وعلى أي أساس يكون هذا؟

والثانية: وإذا أمكن للعقل أن يدرك حكم الله دون وساطة الرسول، فهل يكون هذا الإدراك مناط التكليف وما يترتب عليه من ثواب وعقاب في الآجل ومدح وذم في العاجل؟

والمناقشات حول هاتين المسألتين أدت إلى قيام نظرية عرفت بين العلماء المسلمين بنظرية " الحسن والقبح " (١) .

ونحن نكتفي – دون أن نتطرق إلى تفاصيل هذه النظرية – بلغت النظر إلى أن الأحكام التي أمكن التوصل إليها بمجرد العقل لا تعتبر ملزمة عند العلماء المسلمين – إلا لقليل منهم – وإن كان الفقهاء الذين تبنوا رأي الماتريدية ومن وافقهم يتوسعون في الاجتهاد بالرأي أكثر الآخرين (٢) وهذا يعني أن اعتبار العرف مصدرًا مستقلًّا في الفقه الإسلامي لا يتفق والمبدأ الفلسفي للفقهاء (٣) .


(١) انظر الخلاصة مركزة في الموضوع اعتمادًا على كشف الأسرار للنسفي وحاشية قمر الأقمار للكنوي والمسامرة في شرح المسايرة لابن همام: الدواليبي، المدخل إلى علم أصوله الفقه، ص ١٧٠، ١٧٣ (في الهامش) .
(٢) الدواليبي، الكتاب المذكور، ص ١٧٤.
(٣) أبو سنة، العرف والعادة، ص ٣٠، ٣١. ZIADEH (Farhat j.) ، " Urf and law in Islam"، The World Of Islam Studies in honour of P.k.Hltti، London, ١٩٥٩، p ٦٢..

<<  <  ج: ص:  >  >>