للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا وإن الدكتور محمد حميد الله يركز على ملاحظة هامة فيما يقوله في فلسفة الحقوق الإسلامية: " ومما لا شك فيه أن المؤمن يطيع ما أمره الله به ورسوله طوعًا، أما ما يتعلق بآراء الفقهاء الذين لم تثبت لهم العصمة مثل الرسول، فهناك اعتباران في نفاذها في المجتمع، فالاعتبار الأول هو أن الفقهاء مكلفون باستنباط الأحكام بطريق القياس على معطيات القرآن والسنة، فبهذه الطريقة يمتزج الحكم المستنبط بمصدره الأصلي الذي استنبط منه والثاني أنه قبل كل شيء يفرض أن لا يكون الفقيه راسخًا في العلم فقط، بل يجب أن يكون مع رسوخه في العلم ورعًا ومتحليًّا بأخلاق حسنة " (١) .

وفي هذا المعنى يقول سافوري: " القانون في نظر المسلم جزء متمم لدينه ... وكذلك القانون في نظره أمر الله المعتمد على الوحي مثل القرآن " (٢) .

ويجدر بنا الإشارة إلى ناحية أخرى تتعلق بالمبدأ الفلسفي وتعين الباحث في الكشف عن سر الثنائية الملحوظة في موضوع العرف في أدب الفقه الإسلامي وهي مسألة مضامين الفقه الإسلامي، والواقع أن الفقه الإسلامي لا ينظم علاقات الإنسان ببني الإنسان فحسب كما يفعله الفقه البشري، بل يتعدى ذلك إلى تنظيم علاقاته مع خالقه أيضًا حتى أن جميع الأحكام في الفقه الإسلامي المتعلقة بتصرفات الإنسان بما فيها علاقاته مع أبناء جنسه تصطبغ بصبغة إلهية الأمر الذي يحمل الفقيه على النظر في القضايا لا من زاوية النتائج الدنيوية لها فقط، بل زاوية نتائجها الأخروية أيضا وبالتالي فإن مسألة الجواز وعدم الجواز وما يتعلق بالعبادات وما للأحكام من جهتين ديانية وقضائية تشكل مجالًا فسيحًا في الدراسات الفقهية وتوسع نطاقها ونتيجة لذلك نجد كتب الفروع في الفقه الإسلامي تعتمد على العرف في مسائل كثيرة من فروع لا يتطرق إليها الفقه الوضعي في قليل أو كثير مثل ألفاظ اليمين والطلاق.


(١) HAMIDULLAH ," Philosophie juridique chez les musulmans"، p١٤٠, ١٤١.
(٢) SAVORY, lntroduction To Islamic Civilisation، p٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>