للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء في رسالة نشر العرف، لابن عابدين الحنفي ضمن رسائله: ٢ /١١، وما بعدها:

والعادة مأخوذة من المعاودة، فهي بمعاودتها صارت معروفة مستقرة في النفوس. فالعادة والعرف معنى واحد من حيث المصداق وإن اختلفا من حيث المفهوم. ومن هذا يتبين أن عادة الجماعة وعرفها بمعنى واحد في نظر فقهاء الشريعة أو على الأقل مؤداهما واحد وإن اختلفا من حيث مفهوم اللفظ.

وجاء في كتاب التعريفات تعريف، لأبي الحسن على بن محمد بن على الجرجاني الحنفي المتوفى سنة ٨١٦ هـ، قوله:

" هو ما استقرت النفوس عليه بشهادة العقول وتلقته الطباع بالقبول". يقول عز الدين بن عبد السلام الشافعي الفقيه الملقب بسلطان العلماء في كتاب قواعد الأحكام في مصالح الأنام:

" أما مصالح الدارين وأسبابها ومفاسدها فلا تعرف إلا بالشرع، فإن خفي منها شيء طلب من أدلة الشرع وهي الكتاب والسنة والإِجماع والقياس المعتبر والاستدلال الصحيح ".

وأما مصالح الدنيا وأسبابها ومفاسدها، فمعروفة بالضرورات والتجارب والعادات والظنون المعتبرات، فإن خفي شيء من ذلك طلب من أدلته ومن أراد أن يعرف المناسبات والمصالح والمفاسد راجحها ومرجوحها، فليعرض ذلك على عقله بتقدير أن الشرع لم يرد به، ثم يبني عليه الأحكام، فلا يكاد حكم منها يخرج عن ذلك إلا ما تعبد الله به عباده، ولم يقفهم على مصلحته ومفسدته.

حجية العرف:

لا خلاف تقريبًا بين الفقهاء في اعتماد العرف لاستمداد بعض الأحكام وترتيب القضاء عليه، وإن اختلفوا في التفاصيل والجزئيات والفروع وحتى الأمثلة أحيانًا.

ودليل الأخذ بذلك من القرآن الكريم قوله سبحانه وتعالى {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} [سورة الأعراف: الآية ١٩٩] .

والعرف هو المعروف الجميل المستحسن من الأقوال والأفعال. وقوله سبحانه وتعالى

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} [سورة الحجرة: الآية ٧٧] .

وذلك لأن الاعتماد على العرف طريق من طرق التوسم والتثبت والتفكير لاستنباط الأحكام لما يحدث من قضايا لا تشملها النصوص.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [سورة النساء: الآية ٦] . ففيه إحالة على ما جرى به العرف وسار الناس عليه في شأن أجرة الولي في مال اليتيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>