للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحنابلة: لم يأخذوا بالعرف نظريًّا لتمسُّكهم بالنَّص واعتمد بعضهم العرف في حالات خاصة.

يقول الإِمام ابن تيمية في شأن الأسماء:

"ومنها ما يرجع حده إلى الناس وعرفهم، فيتنوع بحسب العادة والعرف كاسم البيع والنكاح والقبض والدراهم والدينار، ونحو ذلك من الأسماء التي لم يحدها الشارع بحد ولا لها حد واحد يشترك فيه جميع أهل اللغة بل يختلف قدره وصفته باختلاف عادات الناس" (١) .

ويقول ابن القيم في إعلام الموقعين:

" لا يجوز للمفتي أن يفتي في الإِقرار والأيمان والنذور والوصايا، وغيرها مما يتعلق باللفظ بما اعتاده هو من فهم تلك الألفاظ دون أن يعرف عرف أهلها والمتكلمين بها فيحملها على ما اعتادوه وعرفوه وإن كان مخالفًا لحقائقها الأصلية فلفظ الدينار اسم لثمانية دراهم وعند طائفة أخرى اسم لاثني عشر درهمًا وكذلك في ألفاظ الطلاق" (٢) .

الشافعية: يعتمد فقهاء الشافعية العرف ويعملون به رغم عدم أخذ الشافعي به.

والإمام عز الدين بن عبد السلام يقرر في كتاب قواعد الأحكام: ٢ /١٨٦:

إن كل ما يثبت في العرف إذا صرح المتعاقدان بخلافه بما يوافق مقصود العقد صح، فلو شرط المستأجر على الأجير أن يستوعب النهار بالعمل من غير أكل ولا شرب لزمه ذلك ولو شرط عليه أن لا يصلي الرواتب أي النوافل وأن يقتصر في الفرائض على الأركان وجب الوفاء بذلك لأن تلك الأوقات إنما خرجت عن الاستحقاق بالعرف القائم مقام الشرط، فإذا صرح بخلاف ذلك مما يجوزه الشرع ويمكن الوفاء به جاز.

يقول المرحوم محمد أبو زهرة في كتابه: مالك (٣) .

"ويظهر أن الشافعية أيضًا يحترمون العرف إذا لم يكن نص، فإن العرف يغلب في حكمه لأن الناس خاضعون له فعلًا بحكم الألف والاعتياد وليس لأحد أن يمنعهم في الأخذ به إلا بنص محرم فحيث لا محرم فلا بد من الأخذ به".


(١) الفتاوي: ١٩ /٢٣٦.
(٢) إعلام الموقعين: ٤ /٢٨٩. تحقيق عبد الرحمن الوكيل وشمس الدين محمد
(٣) ص ٣٥٣. توفي أبو زهرة رحمه الله في ١٩ ربيع الأول سنة ١٣٩٤ هـ الملاقي ١٢ أبريل ١٩٧٤م.

<<  <  ج: ص:  >  >>