ومن هنا أقترح على المجمع الكريم أن يكلف بعض الباحثين في استقصاء المسائل الفقهية التي بنيت على العرف في الماضي حتى يكون المفتون والعلماء على بصيرة من أمرهم عندما يفتون في مثل هذه المسائل. وقضية رابعة تلمح من خلال البحث أنني جعلت الشريعة حاكمة على مباحث القانونيين في العرف، فهناك فرق في بحوث القانونيين في موضوع العرف، في تعريفه، وفي شروطه، وفي تطبيقاته، وهذا ما ألحظه على بعض البحوث التي قدمت أنهم خلطوا بين مباحث الفقه ومباحث القانون حتى كأنها بحث واحد، وينبغي التدقيق في هذه المسألة، مباحث الفقهاء لها سمتها مرتبطة بأصول الشريعة الإسلامية، أما مباحث القانونيين ففيها خلط كبير. كنت أتمنى على الأمانة العامة في المجمع أن توضح لنا – حقيقة – في الخطاب الذي أرسل في هذا الموضوع حتى نتجه مباشرة إلى الهدف الذي طلب من العلماء أن يكتبوا في موضوع "العرف"، حيث أكثر البحوث توسعت توسعًا شديدًا في تعريفاته، وتقسيماته، وشروطه، وحجيته، وهي أمور يكاد يتفق عليها الباحثون، فلو حدد الهدف من الكتابة لكان الباحثون قد تجاوزوا هذه القضايا التفصيلية التي فرغ منها العلماء قديمًا، واتجهوا إلى الموضوع المطلوب في موضوع العرف. أكتفي بهذا المقدار وشكرًا لكم.
الشيخ محمد علي التسخيري:
بسم الله الرحمن الرحيم.
شكرًا سيدى الرئيس. أنا أعتقد أن التعبيرات الواردة عن العرف متفرقة وكثيرة بحيث يضيع معها الإنسان، ولا يستطيع أن يقع منها على موقع صلب، لذلك، حبذا لو حددنا التعبير وطرحنا المسألة بشكل أصولي، وأعتقد أننا لو حددنا تعبيرنا لتوصلنا إلى أن النزاع أحيانًا نزاع لفظي، وأن العلماء يتفقون إجمالًا على شيء مشترك. أهم البحوث في مجال العرف هو مجالات نفوذ الأعراف. العرف: ما هو المجال الذي ينفذ من خلاله إلى الشريعة وتقبله الشريعة؟. مجالات النفوذ العرفي – وهي النقطة التي لم يتفضل أخي العزيز الشيخ الميس، رغم جمال عرضه للتركيز عليها في بحثي – الذي اعتقده أن هناك مجالين فقط لنفوذ الرأي العرفي فقط، وأستطيع القول بأنني لو أستعرض ما ذكر من استنادات إلى العرف أستطيع أن أصنفها إلى أحد هذين المجالين؛ المجال الأول: هو عملية اكتشاف لرأي السنة أو اكتشاف للسنة، هناك المجالات التي ينفذ فيها العرف ويشكل واسطة لمعرفتنا للسنة الشريفة.