للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه لابد من أن نعرف الأسباب التي جعلت معظم الفقهاء يقفون من الحساب مواقف مختلفة أن ذلك يعود في نظري إلى أمور.

أولًا: عدم تدقيق المراد من الحساب: قال الحطاب: "ظاهر كلام أصحابنا أن المراد بالمنجم بالحساب الذي يحسب قوس الهلال ونوره، ورأيت في كلام الشافعية أن المنجم الذي يرى أن أول الشهر طلوع النجم العلاني والحاسب الذي يحسب سير الشمس والقمر." ج٢ ٣٨٧. ونقل الأبي عن النووى أنه قال: "عدم الأخذ بحساب المنجمين لأنه حدس وتخمين، وإنما يعتبر منه ما تعرف به القبلة ووقت الصلاة." ج٣ ص٢٢٢.

فكلام الفقهاء قد اختلط فيه الحاسب المنجم وقد عطف أحدهما على الآخر في بعض التآليف وانفرد أحدهما عن الآخر في أخرى.

وضبط المراد أول خطوة من خطوات البحث فالمنجم الذي يربط بين طلوع نجم وظهور الهلال ويستدل بالنجم على وجود الهلال هو قد حول الاعتماد من الهلال إلى النجم ومن حق الفقهاء أن يرفضوا ذلك وإذا أخذنا بأن المنجم هو الذي يحسب قوس الهلال ونوره فإنه أيضا مما يتحتم رفضه وذلك لما رواه مسلم عن أبي البختري قال: "خرجنا للعمرة فنزلنا ببطن نخلة: قال تراءينا الهلال فقال بعض القوم: هو ابن ثلاث وقال بعض القوم هو ابن ليلتين قال: فلقينا ابن عباس فقلنا: إنا رأينا الهلال فقال: أي ليلة رأيتموه؟ فقلت: ليلة كذا وكذا فقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله أمده للرؤية فهو لليلة التي رأيتموه)) فهذا نص في عدم اعتبار حساب قوس الهلال ونوره.

وما ذكره النووى من عدم الأخذ بحساب المنجمين لأنه حدس وتخمين. هو حق فلا يؤخذ بقول من اعتمد التخمين والحدس، وألغى طرق المعرفة التي قبلها الشرع وهي الخبر الصادق والحس والدليل العقلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>