للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد فسر الشافعي المسألة بتفسير آخر، فقال: هو أن يقول: بعتك هذه الأرض بألف على أن تبيعني دارك بكذا (١) . ومثل هذا البيع فاسد أيضا لأنه جعل ثمن الأرض الفا وشرط بيع الدار وهذا شرط لا يلزم وإذا لم يلزم ذلك، بطل بعض الثمن فيصير ما بقي من المبيع في مقابلة الباقي مجهولًا وهذا غير جائز.

وقد حكى صاحب الروضة الندية عن بعض شراح الحديث شرحًا مماثلًا لما قاله الشافعي في تفسيره الآخر للرواية مدار البحث (٢) .

إلا أن التفسير الأخير لحديث البيعتين في بيعة أمر لا يتفق مع منطوق رواية أبي هريرة الأولى، فإن قوله عليه الصلاة والسلام ((فله أوكسهما)) يدل كما قال الشوكاني: " على أنه باع الشيء الواحد بيعتين بيعة بأقل وبيعة بأكثر، وإنما يصلح تفسيرًا للرواية الأخرى من حديث أبي هريرة لا للأولى (٣)

وقيل في تفسير البيعتين في بيعة (هو أن يسلف الرجل صاحبه دينارًا في قفيز حنطة إلى شهر، فلما حل الأجل وطالبه بالحنطة، قال: " بعني القفيز الذي لك على إلى شهرين بقفيزين، فصار ذلك بيعتين في بيعة، لأن البيع الثاني قد دخل على الأول فيرد إليه أوكسهما وهو الأول " وقد أسند الشوكاني هذا التفسير لابن رسلان، وعقب على ذلك بقوله: إن هذا التفسير يتمشى مع ظاهر الحديث لأن الحكم للمشتري بالأوكس، يعني الأنقص والأقل، يستلزم صحة البيع به، أو يكون المتعاقدان قد دخلا في الربا المحرم إذا لم يأخذ المشتري وهو المسلف الأوكس بل أخذ الأكثر (٤)

مما تقدم من تفسير لحديث البيعتين في بيعة، يتضح أن أكثر المعاني شيوعًا له، هو أن يذكر البائع للمشتري ثمنين أحدهما عاجل والآخر آجل أكثر منه مقدارًا، وهذه الصورة هي الأساس لبيع التقسيط.


(١) انظر نيل الأوطار / ٥/٢٤٩، وسبل السلام: ٣/١٧
(٢) انظر: ٢/١٠١
(٣) نيل الأوطار: ٥/٢٤٩
(٤) المصدر نفسه أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>