للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ج) إن البيع مع زيادة في الثمن، يعتبر من قبيل بيع المضطر، وهو منهي عنه، ولا يصدق عليه قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}

(د) إن هذه الزيادة بسبب الأجل، والزيادة لهذا السبب خالية عن العوض فتنطبق عليها كلمة الربا الذي يعني الزيادة بدون عوض، فتندرج تحت التحريم.

(هـ) قاس أصحاب هذا الرأي زيادة الثمن مقابل زيادة المدة، على إنقاص الدين عن المدين مقابل تعجيل الدفع، فلا فرق بين أن تقول سدد الدين أو نزد في نظر الأجل، وأن تبيع بزيادة في الثمن لأجل التأجيل، فالمعنى فيهما جميعًا أن الأجل له عوض وهو بمعنى الربا، قال الجصاص: " حظر أن يؤخذ للأجل عوض، فإذا كانت عليه ألف درهم مؤجلة فوضع عنه على أن يعجله، فإنما جعل الحط بحذاء الأجل فكان هذا هو معنى الربا الذي نص الله تعالى على تحريمة (١)

وقد دلل الجصاص على تحريم أخذ العوض مقابل الأجل بما قاله أبو حنيفة فيمن دفع إلى خياط ثوبًا فقال له: إن خطته اليوم فلك دينار مثلًا وإن خطته غدًا فلك نصف دينار، أن الشرط الثاني باطل. فإن أجل خياطته لليوم الثاني، فله أجر مثله، لأنه جعل الحط بحذاء الأجل والعمل في الوقتين على صفة واحدة فلم يجزه، لأنه بمنزلة بيع الأجل وذلك غير جائز (٢)

مما تقدم يتبين لنا أن عمدة أدلة القائلين بعدم جواز بيع التقسيط هو أن ذلك ضرب من الربا المحرم، ومستندهم الرئيسي في ذلك أن الزيادة في ثمن هي في مقابل الأجل، والأجل ليس بالشيء الذي يستحق عوضًا فتكون زيادة بلا عوض وهو عين الربا الذي نهى الشرع عنه وحرمه.

٢- أجاز جمهور الفقهاء الزيادة في ثمن العرض مقابل تأجيل دفعة، فعلى هذا تصح على رأيهم صورة البيع مدار البحث - البيع بالتقسيط – وذلك عند انصراف إرادة المتعاقدين إلى صيغة معينة من البيعتين، وهي صيغة زيادة ثمن السلعة مقابل تأجيل دفع ثمنها، على أن يكون الدفع على وجبات يتفق عليها الطرفان عند إبرام العقد.


(١) أحكام القرآن: ٢/١٨٦
(٢) المصدر السابق أيضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>