للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مناقشة أدلة المانعين زيادة الثمن مقابل تأجيل دفعه:

أجاب الجمهور عن أدلة الفريق القائل: بعدم جواز زيادة ثمن السلعة مقابل تأجيله، وبالتالي يترتب على هذا القول، عدم جواز البيع بالتقسيط، بما يلي:

١-إن قولهم هذا البيع يعتبر من قبيل الربا للزيادة في الثمن، يجاب عليه: أن الشارع صلى الله عليه وسلم نص فيما يحرم من الربا على الأجناس الستة، فبعض الفقهاء اقتصر عليها، وبعضهم ألحق بها غيرها مما يظن أنها داخلة تحت عموم العلة، وهي محل خلاف بين الفقهاء. والمسألة محل النزاع خارجة عن المنصوصة وعما ألحق بها قياسًا، إذ هي مفروضة في مبيع اختلف فيه الجنس والتقدير، وجوازه لا ينبغي أن يخالف فيه أحد الفريقين (١)

ومن هنا جاء اعتراض بعض فقهاء الزيدية على الترجمة للمسألة مدار البحث، إذ يرى المعترض أن الترجمة الصحيحة للمسألة هي: " لا يجوز بيع الشيء بأكثر من سعر يومه لأجل النساء بما اختلفا جنسًا وتقديرًا ". لأن ما اتفق فيه العوضان جنسًا مع التقدير أو الطعم أو القوت على خلاف الفقهاء في موضوع العلة، يحرم فيه التفاضل والنساء، وما اختلفا فيه كذلك يجوز فيه التفاضل والنساء (٢)

والمسألة مدار البحث من القسم الثاني وهو موضوع اتفاق.

٢-أما الاحتجاج بآية الربا من حيث أنه لغةً الزيادة، والزيادة في الثمن لأجل النساء داخلة تحت هذا العموم فيسري عليها التحريم، فالجواب على هذا من عدة وجوه.

(أ) إن الزياة لا يكاد يخلو منها كل بيع، فالآية على هذا تصبح مجملة في تعيين الأنواع المحظورة، وقد بينتها السنة في الأشياء الستة المنصوصة، أو فيها وما ساواها في العلة، والمسألة محل النزاع خارجة عن كل منهما.

(ب) إن الزيادة المعتبرة ما كانت فرع الاشتراك في المزيد كالصاع بالصاعين، ولا يتحقق في مختلف الجنس والتقدير.

(ج) وأيضًا ليس للسعر استقرار كالتقدير بالكيل والوزن لما فيه من التفاوت بحسب الغلاء والرخص والرغبة وعدمها وداعي الحاجة وعدمه، فعلى هذا لا يصلح أصلًا ومناطًا يرجع إليه في تعليق الحكم به.

(د) إن الزيادة المحظورة في مقابلة المدة إنما منعها الشارع إذا كانت ابتداء كما كان عليه أمر الجاهلية في قولهم: (إما أن تقضي وإما أن تربي) . وأما إذا كانت تابعة للعقد كما في مسألتنا هذه فهو من البيوع المباحة ولو زاد على سعر يومه.

قال في المنار: " وليس هناك زيادة محققة إذ المجموع يقابل البدل الآخر وإنما جعل البدل أكثر لغرض هو تأخير الثمن، كما يفعل مثله لأي غرض من الأغراض العارضة ولا مساواة بينهما وبين ربا النسيئة التي استقل فيها رأس المال وانفصل عن الربا، ونظيره البيع بأقل من سعر سوقه، هل يقسم المبيع في ذلك إلى زيادة ومزيد عليه، ويقال: لم يقابل الزيادة شيء " (٣)


(١) الروض النضير: ٣/٥٢٦
(٢) المصدر السابق أيضًا
(٣) الروض النضير: ٣/٥٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>