حذا المقنن في المجلة حذو فقهاء المسلمين عند اشتراطه لصحة البيع بالأجل أو التقسيط تحديد مدة الأجل، وإذا أبرم العقد بدون ذكر مدة، ففي هذه الحالة تكون المدة شهرًا واحدًا، فتصبح مدة التأجيل بهذه الصورة معلومة. أما إذا ذكر للأجل مدة مجهولة، فالبيع فاسد، بذلك قضت المادة (٢٤٩) من المجلة والتي نصت على ما يلي: (إذا باع نسيئة بدون بيان مدة تنصرف المدة إلى شهر واحد فقط) . وقد ذكر المرحوم منير القاضي عند شرحه لهذه المادة، أن الجهالة في الأجل على نوعين، يسيرة متقاربة، أو فاحشة متفاوتة، والمتقاربة على حد قوله، إن الأجل فيها معلوم ولكن تعيين حلوله فيها مجهول , أو بعبارة أخرى (أن لا يمكن حصول الأجل في أي زمن بعد العقد، بل له وقت محدود معلوم كالتأجيل إلى الحصاد) . فالحصاد لا يحصل في كل الأوقات بل في مدة من الزمن محدودة يتردد وقوعه بين أولها وآخرها. أما المتفاوتة فالأجل فيها مجهول، وبعبارة أخرى (ما يمكن حصوله في كل وقت بعد العقد) . وذلك كالتأجيل بهبوب الريح وأمطار السماء (١)
ويجنح الأستاذ إلى القول: إن الجهالة اليسيرة لا تفسد العقد بخلاف الفاحشة فإنها تفسده إلا إذا ألغي التأجيل بها في مجلس العقد وقبل أن يفترق المتعاقدان.
والأستاذ في رأيه هذا يخالف رأي جمهور الفقهاء الذين لم يفرقوا بين فساد العقد بالجهالة اليسيرة أو الفاحشة إذا ذكرت في صلب العقد كما تبين لنا ذلك من خلال ما حكيناه عنهم.
ويمضي المرحوم القاضي في قوله: إذا حصل التأجيل بعد العقد فإن كانت مدة دفع الثمن مجهولة جهالة يسيرة فلا يضر ويعتبر، أما لو كانت فاحشة، فلا يعتبر التأجيل ولا يختل العقد، والظاهر من إطلاق المجلة كما يقول الأستاذ الجري على هذا الرأي، حيث إن المادة (٢٤٨) التي عالج المقنن فيها هذه المسألة لم تفصل، بل جاءت مطلقة حيث نصت على ما يلي:(تأجيل الثمن إلى مدة غير معينة كإمطار السماء يكون مفسدًا للبيع) .