للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العينة والتورق:

تحدث شيخ الإسلام ابن تيمية عن الحيل الربوية، ومما قاله:

ومن ذرائع ذلك: " مسألة العينة " وهو أن يبيعه سلعة إلى أجل، ثم يبتاعها منه بأقل من ذلك. فهذا مع التواطؤ يبطل البيعين: لأنها حيلة. وقد روى أحمد وأبو داود بإسنادين جيدين عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إذا تبايعتم بالعينة، واتبعتم أذناب البقر، وتركتم الجهاد في سبيل الله: أرسل الله عليكم ذلًّا لا يرفعه عنكم حتى تراجعوا دينكم)) . وإن لم يتواطآ فإنهما يبطلان البيع الثاني سدًّا للذريعة. ولو كانت عكس مسألة العينة من غير تواطؤ: ففيه روايتان عن أحمد، وهو أن يبيعه حالًّا، ثم يبتاع منه بأكثر مؤجلًا. وأما مع التواطؤ فربا محتال عليه.

ولو كان مقصود المشتري الدرهم وابتاع السلعة إلى أجل لبيعها ويأخذ ثمنها. فهذا يسمى: (التورق) . ففي كراهته عن أحمد روايتان. والكراهة قول عمر بن عبد العزيز ومالك، فيما أظن: بخلاف المشتري الذي غرضه التجارة، أو غرضه الانتفاع أو القنية، فهذا يجوز شراؤه إلى أجل بالاتفاق.

ففي الجملة: أهل المدينة وفقهاء الحديث مانعون من أنواع الربا منعًا محكمًا، مراعون لمقصود الشريعة وأصولها، وقولهم في ذلك هو الذي يؤثر مثله عن الصحابة، وتدل عليه معاني الكتاب والسنة. اهـ. (الفتاوى ٢٩/٣٠ –٣١) .

وقد فصل تلميذه العلامة ابن القيم القول في العينة والتورق وأثبت هنا من قاله بتمامه: قال عن العينة:

روى محمد بن عبد الله الحافظ المعروف بمطين في كتاب البيوع له عن أنس أنه سئل عن العينة، فقال: إن الله لا يخدع، هذا مما حرم الله ورسوله.

وروى أيضًا في كتابه عن ابن عباس قال: اتقوا هذه العينة، لا تبع دراهم بدراهم وبينهما حريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>