للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلة فساد هذا التصرف أنه تضمن جهالة فإنه مثل قوله: بعتك هذا أو هذا، أو مثل بيع أحد مثمونين بثمن واحد.

وهذا التفسير (لبيعتين في بيعة) نفاه السبكي عن الإمام الشافعي وأصحابه إذ يقول في فتاواه (١) : اعلم أن الشافعي والأصحاب تكلموا في بيعتين في بيعة مفسرين الحديث بتفسيرين:

أحدهما – أن يقول بعتك داري هذه بألف على أن تبيعني عبدك هذا بألف، إذا وجبت لك داري وجب لي عبدك.

الثاني – أن يقول بعتك بألف على أن تبيعني أو تشتري مني.

إلا أن الإمام النووي وكذلك البيضاوي قد فسرا بيعتين في بيعة بصورتين (٢) .

الأولى - أن يقول بعتك بألف نقدا أو ألفين إلى سنة

الثانية - أن يقول بعتك ذا العبد بألف على أن تبيعني دارك بكذا وهذه الصورة كالتي قالها السبكي كما لا يخفى

وقد نقل الصنعاني الصورة الأولي قولًا للشافعي (٣) .

وعند الحنفية – كما فسره المرغناني – أن صفقتين في صفقة: أن يتضمن العقد عقدين كاجتماع إجارة وبيع أو إعارة وبيع (٤) وعند ابن الهمام أن كون الثمن على تقدير النقد ألفًا وعلى تقدير النسيئة ألفين ليس في معنى الربا (٥) ، وقد سبق تعليل منع بيعتين في بيعة على تفسيرها: بعتك بالنقد بعشرة وبالنسيئة بعشرين، بناء على الجهالة لا على أنها ربا.

على أن كلام ابن الهمام ينبغي أن يفسر على التخيير لا على الجزم، أما أن يقترن بالعقد مثل هذا الشرط جزفًا فإنه الجهالة، ويمكن أن يقال بالربوية لأن العقد تضمن زيادة مشروطة لأحد المتعاوضين مقابل أجل الذي هو ربا الجاهلية.


(١) انظر: فتاوى السبكي نشر مكتبة القدس بالقاهرة: ١/٣٥٦.
(٢) انظر: منهاج الطالبين بهامش مغني المحتاج: ٢/٣١، الغاية القصوى في دراية الفتوى للبيضاوي: ١/٤٦٩، تحقيق السيد علي محيي الدين القره داغي.
(٣) سبل السلام: ٣/١٦.
(٤) الهداية وفتح القدير: ٥/٢١٨.
(٥) فتح القدير: ٦/٨١، هكذا في الموسوعة الفقهية: ٩/٢٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>