للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الخامس

تعجيل أداء الدين مقابل إسقاط جزء منه

إذا تقرر جواز تأجيل الدين أقساطًا أو قسطًا واحدًا فهل يجوز تعجيل قضاء الدين مقابل إسقاط بعضه فيقول المدين للدائن: ضع بعض دينك وتعجل الباقي، أو يقول الدائن للمدين: عجل لي بعضه وأضع عنك باقيه؟

هذه المسألة بحثها الفقهاء تحت قاعدة (ضع وتعجل) .

قال ابن جزي (١) (قاعدة – ضع وتعجل – حرام عند الأربعة بخلاف عن الشافعي وأجازها ابن عباس وزفر، وهي أن يكون له عليه دين لم يحل فيجعله قبل حلوله على أن ينقص منه، ومثل ذلك أن يعجل بعضه ويؤخر بعضه إلى أجل آخر، وأن يأخذ قبل الأجل بعضه عينًا وبعضه عرضًا، ويجوز ذلك كله بعد الأجل باتفاق، ويجوز أن يعطيه في دينه عرضًا قبل الأجل وإن كان يساوي أقل من دينه) .

والتحقيق أن في المسألة ثلاثة مذاهب:

المذهب الأول – عدم جواز هذه المعاملة:

وهو مروي عن عمر بن الخطاب وابن عبد الله وزيد بن ثابت والمقداد والحسن وسالم والحكم والشعبي وهشام بن عروة والثوري وابن عيينة وابن علية وإسحاق وهو رواية عن سعيد بن المسيب وإليه ذهب الأئمة الأربعة (٢) لكن أشير هنا إلى أنه وإن نقلت بعض المراجع رأي الحنفية والشافعية على المنع مطلقًا إلا أن هذا لا يبدو مسلمًا فقد رأيت أن ابن جزي نقل عن الإمام زفر القول بالجواز، كما أن السبكي يقول: إني كلمت الحنفية – يعني في هذه المسألة – فرأيتهم مضطربين في تحرير مذهبهم وضبط ما يمتنع فيه مما لا يمتنع (٣) .


(١) القوانين الفقهية: ص ٢١٧.
(٢) المغني والشرح الكبير: ٤/١٧٤- ١٧٥، الموطأ برواية محمد بن الحسن: ص ٢٧١، الزرقاني: ٣/٢٣، فتح العزيز هامش المجموع: ١٠/٣٠٠، فقه سعيد بن المسيب: ٣/٣١- ٣٢ للدكتور هاشم جميل عبد الله
(٣) فتاوى السبكي: ١/٣٥١، ويلاحظ أن للشافعي تفصيلًا فذكر رأيا منفردًا في المتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>